قصة حب ملهمة للجزائر تجمع زوجين فرنسيين عاشا في قسنطينة

مارك وآن كوث، زوجان فرنسيان تجمعهما قصة حب ملهمة للجزائر . البلد الذي عاشا فيه 28 سنة كاملة رفقة أبنائهما. عمل الزوجان في التعليم الجامعي.

تحولت أبحاث ودراسات مارك كوث، الذي يملك قصة حب ملهمة للجزائر، إلى مصدر للباحثين المختصين في مجاله. ولكنه غادر البلاد بالقوة رفقة زوجته آن، تاركين خلفهما قبر ابن مدفون في قسنطينة.

المهندسين المعماريين والمختصين في الهندسة المدنية، يجب عليهم العودة إلى أعمال مارك كوث لفهم تركيبة وتعقيدات الفضاء الحضري في الجزائر. يعمل مارك اليوم، كجيوغرافي وأستاذ في جامعة ألكس بروفونس. يعتبر مصدرا للراغبين في دراسة الفضاءات الحضرية في الجزائر. علاقة الزوجين بالجزائر، ليس علاقة دراسة فقط أو مجرد علاقة “علمية” وإنما هي قصة حب حقيقية. يعتبرا الزوجان نفسيهما ينتميان إلى الجزائر.

قدوم الزوجين إلى الجزائر

بدأت علاقة الزوجين بالجزائر، خلال فترة الإستعمار. يروي مارك بداية القصة في حديث مع هافنغتون بوست: “عشقنا الجزائر قبل أن نزورها. في سنة 1956 عندما كنا طالبين في جامعة ليون، اكتشفنا الجزائر. عن طريق زملائنا الطلاب الجزائريين الذين كانوا يناظلون من أجل الحرية والاستقبال”. يتذكر مارك أمام نظرات زوجته آن: “بعد استقلال الجزائر، رغبنا في الالتحاق بزملائنا الجزائريين. وجاءتنا الفرصة في برنامج للتعاون بين البلدين”.

قدم مارك طلبا للذهاب إلى الجزائر. تم قبول طلبه لكن المفاجأة كانت أن الوجهة لم تكن الجزائر العاصمة كما كان يتمنى وإنما إلى مدينة قسنطينة. يقول مارك: “كنت أعتقد أنه قد حصل خطأ. ذهبت للاستفسار فأخبروني وشرحوا لي بأنها فرصة جيدة. لأني سأشارك في انشاء جامعة قسنطينة. فذهبت مع آن”.

عائلة فرنسية في قسنطينة

في سنة 1966، كانت بداية قصة حب ملهمة للجزائر التي جمعتهما. في قسنطينة، استقر الزوجان أين إشتغلا في قطاع التعليم. وكانا يدرسان ولهما ثلاثة أطفال.  تلقى الأطفال الثلاثة تعليمهم في مدارس جزائرية. وحصلوا على شهادة البكالوريا فيها.

وتقول آن: “إبني جون دفنته هناك. كان طالبا في السنة الثالثة تخصص طب، عندما فقدناه”. معبرة عن علاقتها برائحة وتربة الجزائر. ورغم أنهما كانا يرغبان بالبقاء في الجزائر. والحصول على الجنسية الجزائرية غير أنهما لم يتمكنا من ذلك. يقول مارك: “اليوم نعتبر أنفسنا مواطنين دوليين، لا نعرف كم يوما نبقى في فرنسا ولا عدد الأيام التي نقضيها في الجزائر”.

مغادرة الجزائر بالقوة

بعد قضاء 28 سنة في الجزائر، تحتم على الزوجين مغارة البلاد بالقوة. وذلك في شتاء سنة 1994 عندما وجه لهما والي قسنطينة أمرا سريعا بمغادرة البلاد. يقول مارك: “قاموا باستدعائنا وبوضعنا في الطائرة للمغادرة. وقال لنا أنه لم يعد يملك الوسائل اللازمة لحمايتنا”. غادر الزوجان الجزائر على مضض لسنوات. وتقول آن: “لقد عدنا إليها في أول فرصة أتيحت لنا. ومنذ ذلك الحين نقوم بهذه الرحلات المتكررة”.

يروي ناشر مؤلفات “مارك كوث” الجزائري ياسين حناشي، عن الاحتفال بالذكرى السنوية للزوجين في 2008: “احتفلوا بها في قسنطينة. كان هناك أصدقائهم وجيرانهم وطلابهم. وحتى أحفاد هؤلاء الطلاب. وكان الزوجان قد اختارا المطرب الشاوي أبو زاهر برفقة أشهر فرقة للرحابة من خنشلة. لقد كانت مؤثرة للغاية”.

العطاء، الحب والعرفان

مارك كوث، المعروف بمؤلفاته ولا سيما كتابه الشهير “L’Algérie ou l’espace retourné“. الذي نشره في فلاماريون سنة 1988. قدم الكثير للجزائر، بقدر مساهمته الفكرية قدر إنسانيته. وآن، كانت ومازالت المرأة المليئة بالطاقة. تزرع الحب والفرح في قلوب العديد من الناس في قسنطينة. خاصة من خلال عملها من أجل أطفال السرطان ومحو الأمية.

عرف الزوجين بكرمهما وتفانيهما من أجل البلد الذي تنيانه، الذي منحهما، ربما أهم من الجنسية، اعتراف وصداقة عدة أجيال من الأكاديميين والعديد من الأصدقاء. يقول بعض أهل قسنطينة أن مارك وآن جزائريان مثلنا، ويقول البعض الآخر، أنهما جزائريان أكثر منا، لأنهما أختارا أن يكونا معنا، ويكونا جزء منا. في حين تقول آن: “إنهم شعب رائع”.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى