مراحل بناء حملات الاتصال العمومي

اختلف الباحثون والدارسون في مجال حملات الاتصال العمومي في تقسيم مراحل بناء حملات الاتصال العمومي . فهناك من قسمها إلى مرحلة ما قبل التنفيذ ومرحلة ما بعد التنفيذ (لازار سفيلد وروبرت ميرتون). بحيث تتضمن كل مرحلة مجموعة من العناصر. وهناك من قسمها إلى مجموعة من العناصر المترابطة بشكل تسلسلي. وعموما يمكن أن نلخص في هنا أهم مراحل بناء حملات الاتصال العمومي في النقاط التالية:

  • جمع البيانات وتحديد الأهداف:

إن مرحلة جمع البيانات مهمة في بناء الحملة. لأنها تسمح لفريق العمل باتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، وتشمل دراسة الظروف والمتغيرات المؤثرة في الحملة من حيث مدى تقبل الفكرة ونوع الجمهور. وإبراز ما يمس اهتماماته، والاتجاهات السائدة لديه، وتتبع احتياجاته ورغباته. بالإضافة إلى دراسة كل الوسائل الإعلامية المتاحة، من حيث التعرف على خصائص كل وسيلة تمهيدا لاختيار الوسيلة الأنسب. بالإضافة إلى دراسة العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام ومدى اعتماده على وسيلة أو أخرى. وعلى ضوء هذه المعلومات تكون أهداف الحملة قابلة المقياس واقعية وملائمة وذات نطاق زمني، حيث تتم كتابتها للتخاطب حول الجوانب المتعددة للحملة، الأمر الذي سيجعل الاستراتيجية الاتصالية تركز على تحقيق أهداف هذه المبادرة.[1]

إن عملية تحديد الأهداف تعتبر مهمة جدا في الحملة لأنها الأساس الذي يقوم عليه صياغتها وتنفيذها. ومن أجل ذلك يجب جمع البيانات المتعلقة بموضوع الحملة والتي تتيح لمصممي الحملة اتخاذ أنسب القرارات بشأنها. وتشمل دراسة الظروف والمتغيرات المؤثرة في الحملة من حيث مدى تقبل الفكرة ونوع الجمهور المتوقع والاتجاهات السائدة.

  • تحديد الجمهور المستهدف:

إن تحديد الجمهور المستهدف من حملات الاتصال العمومي يعتبر أساس نجاح أو فشل أي حملة، نظرا إلى أهمية خصائص هذا الأخير في تحديد باقي العناصر الضرورية لتصميم وتنفيذ الحملة لتظهر في شكلها النهائي. ويتوجب على القائمين على الحملة تحديد الجمهور المستهدف من خلال التعرف على خصائصه، أنماط تفكيره ومعتقداته وسلوكياته. ويختلف حجم هذا الجمهور باختلاف موضوع الحملة. يمكن أن يكون هذا الجمهور المجتمع ككل إذا كانت حملة توعية ضد الاختناق بالغاز. ويمكن أن يكون هذا الجمهور فئة النساء إذا كان موضوع الحملة التحسيس بسرطان الثدي.

وعلى القائم بالاتصال العمومي، أن يسعى إلى معرفة الجمهور المستهدف من الحملة جيدا، عن طريق تحديد ظروفه الاجتماعية، الاقتصادية. وكذلك مستواه الثقافي و اتجاهاته، وموقعه الجغرافي، ريف، مدينة، صحراء، ساحل ـ.. وكل هذه المتغيرات يجب مراعاتها في صياغة رسالة الحملة الإعلامية وفقا للأهداف المسطرة. وهذا لمعرفة كيفية وتوجيه الرسالة المناسبة له، والتي يفهمها.

وإذا أخذنا هنا مثالا عن حملة حول الاختناق بالغاز، وتمت صياغة الأهداف على أساس توعية المواطنين بضرورة التخلي عن استخدام مدفئات غاز القارورات في الشتاء. وكان الجمهور في الريف، فإن الهدف هنا يكون غير واقعي وغير عملي. ويجب استبداله مثلا بالتوعية بضرورة التهوية أثناء استخدام هذا الغاز. في حين يكون هذا الهدف عملي إذا كان الجمهور في أماكن جغرافية يتوفر فيها غاز المدينة.

  • تحديد الوسائل الإعلامية:

يتم في هذه المرحلة التعرف على خصائص كل وسيلة ومدى ملائمتها لتوجيه رسالة معينة تمهيدا لاختيار أنسب الوسائل. بالإضافة إلى دراسة العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام ومدى اعتماده على وسيلة أو أخرى. ويكون اختيار الوسائل الإعلامية المناسبة من حيث الخصائص والميزانية والإمكانيات الموجودة، وتحديد كيفية استخدام تلك الوسائل، من أجل ضمان وصول الرسالة إلى الجمهور المستهدف بشكل مناسب وتحقيق الأهداف المسطرة. وتشمل وسائل عرض حملات التواصل الإعلامي الصحف، المجلات، الإذاعة والتلفزيون بالإضافة إلى اللافتات والملصقات والمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي.

إن اختيار الوسيلة يتوقف على الهدف من الحملة،  وأيضا الظروف المحيطة للتأثير على الجماهير. وهي القنوات التي يستخدمها القائم بالاتصال العمومي في حملته من أجل توصيل أفكاره، فهي تتنوع وتتعدد، لكن يمكن القول عموما أنه يجب اختيارها وفق اعتبارات تناسب القائم بالاتصال وإمكاناته وطبيعة الجمهور المستهدف ومضمون الرسالة، كاستعمال الإذاعة لمخاطبة الجمهور العام وفئة الأميين مثلا أو السائقين. واستعمال الملصقات لمخاطبة الطلاب الجامعيين والأطفال مثلا، في الحملات التي تتناول ظاهرة التنمر.

  • تحديد المضمون أو الرسالة

المضمون أو الرسالة وهي مجموعة الأفكار التي يجب أن تقدم إلى الجمهور تتضمن النصوص، الإشارات، والمعلومات المرئية والمقروءة وغير ذلك. وتعتبر من أهم العناصر في الحملة، وعليه يجب أن يكون هذا المضمون ملائماً من حيث الأسلوب والصياغة من أجل تحقيق الأهداف المسطرة والوصول إلى إحداث التأثير المطلوب، خاصة إذا تعلق الأمر بتغيير المعتقدات كما سبق وأشرنا. وبالتالي فإنه من الضروري صياغة الرسالة بطريقة واضحة وغير قابلة للتأويل واستخدام العبارات المؤثرة التي بإمكانها جذب انتباه الجمهور المستهدف. ويشترط فيها أن تصاغ بطريقة مؤثرة دون مبالغة أو التخويف أو استخدام مؤثرات كثيرة. الحملة لا تصمم بصفة عشوائية، بل يجب أن تحترم خصائص المجتمع عند تصميم محتواها، فلا تخرج عن نظام البيئة التي تنبثق منها.

ويمكن القول عموما أن الرسالة في مجال حملة الاتصال العمومي تأخذ عدة أشكال، فيمكن أن تكون مكتوبة أو مرئية أو مسموعة، بما يتماشى مع نوعية الوسائل الإعلامية التي تم اختيارها من أجل بث الحملة، وبمراعاة خصوصية المتلقي. وعليها أن تعتمد الإقناع أي التأثير في الجمهور لجذب انتباهه ودفعه للتفاعل مع رسائل الحملة ومضامينها و جعله يستجيب لها. وتصاغ وفق استراتيجيات مختلفة، كما سبق وذكرنا ذلك أعلاه.

  • تحديد الفترة الزمنية للعرض

يجب في هذه المرحلة وضع برنامج زمني واضح من خلال تحديد بداية عرض الحملة ونهايتها المتوقعة. ويخضع التوقيت الزمني لعرض الحملة إلى عدة استراتيجيات ترتبط أساسا بالأهداف المسطرة. ومن بين هذه الاستراتيجيات أن يتم عرض الحملة لفترة محدودة في البداية ثم عرضها بشكل مكثف خلال الفترة المقبلة أو العكس. كما يمكن تركيز العرض في أوقات أو فترات معينة على حساب أخرى.

من بين مراحل بناء حملات الاتصال العمومي مرحلة العرض. وتتطلب هذه المرحلة إمكانيات مادية من أجل شراء المساحات لعرض الحملة في وسائل الإعلام. سواء كانت الصحافة المكتوبة في حال حملة مكتوبة. أو في الإذاعة أو التلفزيون في حال حملة سمعية بصرية أو في الفضاءات العامة في حال كانت في شكل ملصقات.

  • الشروع في تنفيذ الحملات

بعد تحديد جميع العناصر السابقة، تأتي مرحلة تنفيذ الحملة وفقا إلى الاستراتيجيات التي تم تحديدها من أجل إعداد وتنفيذ الحملة. وخلال هذه المرحلة تتم عملية التصميم بداية من تصميم الشعار وهو جملة أو مجموعة من الكلمات التي تؤدي معنى واضح يهدف إلى التأثير والإقناع. ويشترط في الشعار أن يكون خاصا وفريدا وألا يكون عاما لكي يصبح معبرا. والشعارات التي تعتمد على الأفكار العامة، كثيرا ما تكون فاقدة لمفعول التأثير مثل (حافظ على صحتك)،

ومن الأفضل أن لا تغمر ذهن المتلقي بتوصيات كثيرة وأن نكتفي بتمرير فكرة واحدة لرسالة واحدة. والمضمون الذي يمكن أن يحتوي على رسائل صوتية أو نصوص مكتوبة أو أشكال وألوان حسب نوع الحملة. شرط أن يتم دمجها وإخراجها بشكل جذاب وتناسق يعبر بشكل واضح عن موضوع الحملة ويؤثر في الجمهور المستهدف. وخلال فترة التنفيذ يمكن أن تخضع الحملة من قبل المصممين إلى التقويم وتصحيح بعض الخطوات والعناصر بما في ذلك الشعار.

يختلف الباحثون في وضع الخطوات المرحلية والنموذجية لتصميم وتنفيذ حملة اتصال عمومي لكن تبقى العناصر المذكورة أعلاه هي أبرز وأهم عناصر الحملة.  وذلك لكون هذه الأخيرة تتميز بكونها ذات إدارة منظمة. بمعنى توفر التخطيط  كعنصر أساسي ويعتبر من مراحل تصميم الحملة ومرحلة مهمة لضبط خريطة الطريق لإعداد الحملة الإعلامية و رسم طريقها.  والتخطيط يتحدد من خلال جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بالعناصر السالفة الذكر.

[1] عيسى بوكرموش، استراتيجية الاتصال في الحملات الإعلامية، ص68.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى