علي الكنز .. المفكر الجزائري البارز في علم الاجتماع

توفي الكاتب وعالم علم الاجتماع الجزائري الأستاذ علي الكنز بمدينة نانت بغرب فرنسا نهار الأمس فاتح نوفمبر 2020 عن عمر ناهز 74 سنة.

وهو من مواليد 1946 بمدينة سكيكدة بالشرق الجزائري، التي فقدت في 12 نوفمبر 2016 عالما آخر، وهو مالك شبل.

درس الفلسفة وتخصص في علم الاجتماع

درس علي الكنز الفلسفة في جامعة الجزائر ونال منها شهادة الليسانس في بداية السبعينيات. اتجه بعدها نحو التخصص في علم الاجتماع الذي وضع لبناته الأولى بيير بورديو الذي أسس الجمعية الجزائرية للبحوث الديموغرافية والاقتصادية الاجتماعية. وإيميل سيكار الذي كان أول رئيس قسم علم الاجتماع بالجامعة.

غير أن علي الكنز كان آنذاك متأثرا أكثر بابن خلدون وفرانز فانون ومصطفى الأشرف والعالم المصري سمير أمين الذي نشر معه مجموعة من الدراسات فيما بعد.

درس اللغة العربية في القاهرة

وبعد صدور قانون تعريب العلوم الإجتماعية، سافر إلى القاهرة لتحسين مستواه في اللغة العربية في جامعة الأزهر. عاد إلى الجزائر ليدرّس علم الاجتماع في جامعته. وينشر كتبا وبحوثا في قضايا التنمية والتصنيع والتغيير الاجتماعي والأزمة الاقتصادية. كما عمل مديرا لمركز البحوث في الاقتصاد التطبيقي والتنمية التابع للجامعة.

ساهم في تأسيس الجمعية العربية ل علم الاجتماع

كان علي الكنز عالما وكذلك مثقفا يعبر عن آرائه حول تحولات المجتمع الجزائري في الصحافة بخاصة جريدة الأحداث ثم جريدة الوطن فيما بعد. وساهم أيضا في تأسيس الجمعية العربية لعلم الاجتماع، والتي تضم نخبة من العلماء الاجتماعيين العرب.

دراسات حول التحولات الاقتصادية والاجتماعية

في عام 1993، غادر الجزائر إلى تونس التي استقر بها سنتين تعاون خلالها مع مركز الدراسات المغاربية. ثم سافر إلى فرنسا والتحق بجامعة نانت حيث وجد كل شروط العمل والإبداع فألف مجموعة من الكتب. ونشر العديد من الدراسات والبحوث حول التحولات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات العربية والتي ترجمت بعضها إلى اللغتين العربية والإنجليزية.

عرفت الأستاذ علي الكنز من خلال سلسلة الأنيس التي كان يشرف عليها بين 1989 و1993. وهي مجموعة من كتب الجيب هدفها وضع العلم في متناول الجميع.

وكانت تضم أشهر المؤلفات في التراث العربي والإسلامي القديم (الجاحظ، الفارابي، ابن خلدون، ابن طفيل، ابن المقفع، ابن بطوطة…). والفكر العربي الحديث (رفاعة الطهطاوي، محمد عبده، الكواكبي، شكيب أرسلان، علي عبد الرازق، سلامة موسى…). والفكر الإنساني (ميكيافيلي، سبينوزا، روسو، لوبون، فرويد، دوركايم، همنغواي…).

كنا نحن الطلبة نقتني هذه السلسلة التي وصلت إلى مائة عنوان بثمن معقول، وفتحت لنا آفاقا في عالم الفكر والأدب.
كما عرفته من خلال سلسلة الصاد التي نشر فيها مجموعة من الكتب في القضايا المعاصرة باللغتين العربية والفرنسية. وأذكر الآن “إغتيال العقل” لبرهان غليون، و”سيد قطب الخطاب والأديولوجية” لمحمد حافظ دياب، “الثورة الجزائرية سنوات المخاض” لمحمد حربي، “الصدفة والتاريخ حوارات مع بلعيد عبد السلام” لعلي الكنز ومحفوظ بنون…الخ.

عمل ثقافي غزير في الجزائر

ولم يسبقه في الجزائر -في حدود علمي- إلى هذا العمل الثقافي الجبار إلا الكاتب جيلالي خلاص الذي أسس سلسلة المكتبة الشعبية، ونشر فيها كتيبات للباحثين والأدباء الجزائريين والأجانب بسعر رمزي.

رحم الله الأستاذ علي الكنز وكل الذين خدموا الثقافة الجزائرية والفكر العربي والاسلامي والآداب الإنسانية بإخلاص، ونشروا المعرفة بين الناس بكل أمانة وصدق.

المصدر: مولود عويمر، أستاذ جامعي في جامعة الجزائر 2.

إقرأ أيضا: باحثة جزائرية قدمت دراسات اجتماعية مهمة في نيويورك

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى