ماذا لو كان هدفك رقما؟

عندما وصلت للسنة الثالثة ثانوي كنت قد حضرت نفسي معنويا لتحقيق نجاح بمعدل مرتفع في البكالوريا، لأحصل على “14 من 20″، لا أعرف لماذا هذا الرقم بالذات ولكني أردت أن أنجح وأحصل عليه بشدة، قد يبدو ذلك منطقيا في شعب أخرى وفرصة للالتحاق بتخصصات معينة في الجامعة، ولكن الأمر ليس كذلك لدى طلاب شعبة التسيير والإقتصاد في الثانوية. كان أصدقائي يعتقدون أو يوهمون أنفسهم، لا أعرف بالضبط، أن المهم هو الحصول على البكالوريا سواء كان ذلك بمعدل 10 أو 14 فالأمر واحد ولكني كنت أرى الأمر مختلفا على الأقل بيني وبين نفسي.

حاولت الإجتهاد في الوصول لهدفي، ولكن لم يكن سهلا، فقد حصلت في معدلات الفصول الدراسية من السنة نفسها على علامات متدنية، ومع ذلك لم أستسلم، لأن معركة البكالوريا يجب أن تستمر إلى آخر ثانية. وكلما اقتربت نهاية البكالوريا وإقترب تاريخ الإمتحان يزداد الضغط ورهبة الحدث في النفوس، وكنت أقضي ساعات طويلة في التحضير وحل التمارين والحفظ والمراجعة.

كنت متحمسا جدا وواثق من نفسي، ومع ذلك لم أنجح في الامتحان، لم أفكر أبدا “ماذا لو حصلت على شهادة البكالوريا ولو بمعدل 10″، حتى عندما كنت أجلس مع زملائي الناجحين وأنا أراهم يتفاخرون بنجاحهم وتسجيلاتهم الجامعية. لا أنكر أني كنت أشعر بالخيبة ولكن ليس منهم وإنما من الفشل. تلك الخيبة التي تلازمنا لفترة ثم نبدأ معها معركة أخرى للتخلص منها.

كانت عطلة الصيف لسنة 2014 ثقيلة جديدة، رسمت على وجهي ملامح الإنتكاسة بامتياز، ومع بداية السنة الجديدة كان يجب أن أتخلص من تلك النكسة لأبدأ من جديد. أول شحنة ايجابية تلقيتها كانت من أستاذة اللأدب العربي التي نظرت في وجهي العابس وفهمت أن ما ينقصني جرعة من الأمل وشحنة من الإرادة والثقة. قالت لي: “البكالوريا أجحفت في حقك، كنت مجتهدا وتستحق النجاح”.

من الجيد أن تشعر بأن اجحافا وقع في حقك وأنك  لم تفشل لأنك ضعيف ولكن لأنه توجب أن تفشل وفقط. كنت ترك العنان لخيالي وأدخل في أحلام اليقضة وأتخيل تفاصيل حفل نجاحي في البكالوريا هذه المرة. ربما ما كان ينقصني هو التخطيط الجيد؟ هكذا تساءلت وبدأت أتخطى فكرة الفشل وأتحرر منها شيئا فشيئا.شاركت في برنامج للتنمية البشرية واستعدت ثقتي بنفسي.

في نهاية السنة احتفلت بنجاحي، أخيرا حصلت على البكالوريا بمعدل 13.6 أي أنه يقارب 14، ذلك الرقم الذي وضعته هدفا قبل سنتين، فالحلم الذي لم تحققه ولم تصل اليه اليوم ستصل إليه غدا. كان معدلي أعلى معدل من بين معدلات طلاب شعبتي وخامس أعلى معدل في الثانوية التي أدرس بها. عندما تحقق نجاحا مهما كان بسيطا بعد أن جربت طعم الفشل ستشعر بالفخر وستشفق على المشككين في قدراتك الذين حاولوا بشكل أو آخر إضعافك والأهم من ذلك ستشعر بقيمة اليد  التي ساعدتك ولو بكلمة طيبة.

في سنتي الدراسية الأولى بجامعة دالي ابراهيم، تحصلت أخيرا على معدل 14 في الفصل الأول، ذلك الهدف الأول الذي قد يكون رقما ستصل إليه إذا أردت الوصول، في السنة الأولى قد تفشل، في السنة الثانية ستنجح ولكن بفارق بضع فواصل عن الرقم الذي أردته، ولكنك في السنة الثالثة ستحصل عليه أكيد. هذه القصة قد تبدو للبعض عادية وقد تبدو للبعض ملهمة ولكني أردت أن أشاركم تجربتي البسيطة لتعلموا أن على هذه الأرض من يملكون أهدافا وأحلاما بسيطة ولكنها غالية يجتهدون لتحقيقها ويطيرون فرحا يوم ينجحون في الوصول إليها وتجسيدها.

الكاتب: علي بوشيبة

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

المصدر
سوبرنوفا
زر الذهاب إلى الأعلى