هل يخلق تسويق منتجات التجميل ثروة للشباب؟

عندما تقرأ إعلانات البحث عن موزعين، تتساءل هل يحقق تسويق منتجات التجميل ثروة مالية؟ في الحقيقة فإن  الشركات الأجنبية تعلق إعلانات محفزة حول تسويق منتجات التجميل في مختلف الأماكن العامة مثل محطات النقل العمومي، الحافلات، المكتبات، واجهات المحلات وجدران البنايات والشوارع الشعبية. وتستهدف الطلاب  بشعارات مثل “مهما كان وقت ضيقك، تخصصك الدراسي  وعمرك، معنا يمكنك الحصول على عمل وتحقيق أرباح مالية دون التفريط في دراستك”.

قبل 3 سنوات من الآن، قرر محمد وهو طالب جزائري ويعمل في وقت الفراغ  كمدرب لأحد الفرق الرياضية، خوض تجربة تسويق منتجات التجميل لفائدة شركة ماليزية مختصة في انتاج المكملات الغذائية، أين تمكن من تأسيس أكبر فريق توزيع يضمن 100 منخرط من مختلف ولايات شرق البلاد.

سلم تنقيط لقياس الأرباح

ينخرط الآلاف من الطلاب الجزائرين، مثل محمد، يوميا في شبكات التسويق وتوزيع منتجات تتمثل أساسا في مواد التجميل، المكملات الغدائية وبعض الأعشاب الطبية إلى جانب الأجهزة الإلكترونية. يقول محمد: “تبدأ الرحلة بمغامرة ثم تحتاج إلى الصبر والجهد لتحقيق حلمك، هذا العمل يحقق لي أرباحا شهرية أكبر من راتبي كمدرب بعشر مرات ولكن الأمور لا تكون دائما جيدة”.

ويرتبط حجم الأرباح بطبيعة العمل الذي تعتمد عليه الشركة، التي لا تشترط أي مستوى تعليمي للموزع، حيث تختلف استراتيجية التوزيع من شركة لأخرى، أين تضع أغلب الشركات منهج تسويق قائم على التحفيز والتنقيط بهدف توسيع شبكة الموزعين وبالتالي المستهلكين.

وتقوم هذه الشركات عادة بوضح سلم مناصب مرتبطة بعدد معين من النقاط التي يحصل عليها الموزع بناء على عدد الموزعين الذين التحقوا بالشركة عن طريقه وكذلك نسبة المبيعات والأرباح المحققة ليتدرج في سلم المناصب والحصول على امتيازات أكبر، كمدير فريق، منسق فريق أومدير اقليمي. أو عن طريق تسجيل العضوية في الموقع الالكتروني للشركة، ثم العمل على تحفيز أعضاء آخرين للإلتحاق بها.

وهو حال حليم طالب جامعي، ويعمل كرئيس فريق توزيع يتكون من 15 موزعا في شركة أمريكية، تنتج مواد التجميل والعطور وبعض المواد شبه الصيدلانية ويقول حليم: “العملية تبدأ باستثمار مبلغ صغير من المال عن طريق شراء مجموعة من المواد وتوزيعها، الربح لا يكون سريعا ولكنه يتحقق مع الوقت، ولكن ليس بالدرجة التي يصفونها لك في البداية”.  ويضيف المتحدث: “الجامعة مكان جيد للتوزيع، خاصة أننا نتواصل مع الكثير من الطالبات المهتمات بالمنتجات، وبالتالي نحصل على مكافآت مقابل بيع عدد معين من منتوج ما”.

شعارات مبالغة

تقتصر استراتيجية التحفيز هذه على شركات دون أخرى، حيث تفضل العديد منها الاكتفاء ببيع كميات من المنتجات لموزعين بتخفيضات مغرية، ليقوم الموزعون بعد ذلك ببيعها عن طريق علاقاتهم الشخصية ومعارفهم وباستخدام مهاراتهم في التسويق والإقناع. وحسب عبد السلام محصول، أستاذ الإقتصاد بجامعة جيجل، فإن هذه الشركات الأجنبية تعتمد على هذا النمط من التسويق من أجل الوصول إلى السوق الجزائرية بأقل التكاليف، موضحا: “هذه الطريقة التي تقوم على موزعين تسمح للشركات بتخفيض التكاليف، لأن الموزعين يكونون محدودي الدخل، الذي يرتبط بنسبة المبيعات، وهذا أوفر من جلب عدد محدود من الموزعين المختصين”.

هذا النوع من العمل يستقطب الكثير من الشباب، خاصة الطلاب الذين يجدون في هذه المهنة دخلا ماليا لا بأس به وهامش ربح مقبول. عبلة طالبة ماستر تخصص كهرباء، وهي واحدة ممن يوزعون مواد التجميل وكريمات مختلفة لمعالجة حساسية الجلد لدى النساء والأطفال التي تنتجها شركة سويدية: “العمل متعب ومربح مثل أي تجارة أخرى، لكن ليس لدرجة تلك الشعارات المبالغ فيها مثل كيف تصبح مليونير، وطريقك للرفاهية والثروة وحقق حلمك معنا. انها مبالغة كبيرة”. ويقول في هذا الباحث عبد السلام محصول: “ميزة الموزعين الجزائريين في هذه الحالة أنهم يعرفون خصوصية المجتمع والأسواق التي يعملون بها لأنهم جزء منها وهذا في صالح الشركات، غير أن الموزعين يكونون عرضة للاحتيال في ظل غياب أي قانون ينظم عملهم”.

صعوبة الإقناع والخوف من الإحتيال

الشباب الذين اختاروا هذه المهنة يواجهون صعوبة كبيرة في اقناع المستهلكين بشراء منتوجاتهم والإنخراط في شبكات التوزيع باستخدام العديد من المغريات بسبب غياب عنصر الثقة. يقول صهيب حجاب، طالب جامعي: “لا أثق في هذا التسويق، انه عالم مليء بالنصب والاحتيال. وهذه الشبكات تعمل على استغباء الشباب ورسم أحلام وهمية حول الحصول على الثروة والربح السريع”. من جهتها تقول ريم جعفر: “لا أثق في هذه المنتجات، إنهم يبالغون كثيرا في الأسعار وأحيانا لا تكون المنتجات أصلية، مثل تقديم معجون أسنان باهض الثمن بدعوى أنه مبيض للأسنان ويحمي اللثة”. وهي النقاط الحساسة التي يعتمد عليها الموزعون، على أساس تقديم سلعة مستوردة وأصلية، وغير متوفرة في المحلات، ويتم عرضها باستخدام دليل مطبوع لشرح كيفية الإستعمال.

نورة، سيدة في الأربعين من العمر، تقول عن تجربتها مع الموزعين: “كنت أشتري من إحدى الطالبات مواد تجميل وبعض الكريمات للبشرة بأسعار غالية ولكنها لم تكن بالفاعلية التي يتحدثون عنها، ثم بدأت أفقد ثقتي في هذه المنتوجات لأنها لا تخضع للرقابة، وعلمت من بعض الأقارب أنه أحيانا تكون المواد منتهية الصلاحية ويقومون بإعادة تغليفها بوضع تواريخ جديدة”.

مثل هذه التخوفات والشكوك التي تحول حول المنتجات قيد التوزيع، جعلت الكثير من الموزعين يفقدون زبائنهم من الأقارب والذين تربطهم بهم علاقات شخصية ويفشلون في كسب زبائن دائمين. وهو ما دفعهم للتوجه إلى شبكات التواصل الإجتماعي بغرض توسيع دائرة التوزيع، حيث توجد اليوم العديد من الصفحات المخصصة لعرض هذه المنتجات بتسميات مختلفة والتي تحرص على تقديم عروض مغرية للفتيات المقبلات على الزواج مثلا، أو لصالونات الحلاقة والتجميل، في وقت يعتمد فيه آخرون على توزيع بطاقات تعريفية بالمنتوجات التي يقوم بتسويقها، في الأماكن العامة مثل محطات الحافلات، والأسواق والمراكز التجارية.

المصدر: سوبرنوفا

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

المصدر
سوبرنوفا
زر الذهاب إلى الأعلى