أخر الأخبار

محمد بلحسين باحث جزائري عمل في مختبرات المعلوماتية الحيوية العالمية

يرأس محمد بلحسين، باحث جزائري، فريقًا من الباحثين في مختبر بدبي. وهو واحد من أرقى مختبرات المعلوماتية الحيوية العالمية. ولد ونشأ محمد في البليدة، سافر وعمل في عدة مختبرات في عدة دول. حقق نجاحات مبهرة. وحصل على تكريمات وجوائز كثيرة بفضل أبحاثه. عاد وفتح أول ماستر في المعلوماتية الحيوية في جامعة البليدة.

في مقابلة أجراها محمد بلحسين مع جريدة “الوطن” شدد محمد على أهمية هذا التخصص في المستقبل. وأكد أنه مطلوب أكثر فأكثر من قبل أرقى مختبرات المعلوماتية الحيوية العالمية.

 درس عدة تخصصات

يبلغ محمد 37 سنة من العمر. ويعتبر الأخ الأكبر في عائلة مكونة من 5 ذكور وفتاة. عاش في حي شعبي في مدينة سيدي عاشور، والمعروفة باسم مدينة زينغ في البليدة. التحق بجامعة البليدة بعدما حصل على البكالوريا العلمية. درست علم الأحياء وعلم الأحياء الدقيقة بشكل أكثر تحديدًا. أي (دراسة الكائنات الحية الدقيقة مثل الفيروسات والبكتيريا).

يقول محمد: “خلال دراستي الجامعية، نجحت في البكالوريا لدعم شقيقاي التوأم وتشجيعهما على النجاح. وهكذا، حصلت على البكالوريا الثانية التي التحقت بها لدراسة العلوم البيطرية بالتوازي مع دراسة علم الأحياء. لكني شعرت أنه يمكنني أن أفعل ما هو أفضل. لذلك قمت بالتسجيل كمرشح حر للحصول على البكالوريا الفرنسية في الثانوية الدولية “ألكسندر دوماس” في الجزائر العاصمة. والمفاجأة نجحت فيها بدرجات جيدة. سمح لي هذا بالتسجيل في جامعة فرنسية. وهي جامعة لوميني، في مرسيليا. ولكن هذه المرة في تخصص آخر. تخصص البيولوجيا الجزيئية والخلوية. ونتيجة لذلك، وفي سن العشرين، وجدت نفسي أبدأ مغامرة جديدة في الخارج.”

يقول محمد بلحسين (باحث جزائري) عن مغامرته في فرنسا أن الأمر كان صعبًا جدًا في البداية. كان عله حقا أن يحارب من أجل التمسك. لم يكن يرغب في الاعتماد على والديه، لأن وضعهما الاقتصادي لم يكن يسمح لهما بمساعدته. ويوضح: “عملت منذ البداية. كنت أحاول النجاح في دراستي. كان علي أن أعمل لسنوات من الساعة 9 مساءً حتى الساعة 3 صباحًا كل يوم. والذهاب إلى الجامعة في الصباح من الساعة 9 صباحًا حتى الساعة 3 مساءً. كل هذه التضحيات سمحت لي بأن أكون من بين الأفضل في صفي طوال دراستي الجامعية”.

تلميذ البروفيسور راؤول

يعتبر محمد من تلاميذ البروفيسور ديديه راؤول، الذي درس عنده خلال السنوات التي قضاها في مرسيليا. ويقول عن هذا: “أتيحت لي الفرصة لأكون من بين طلاب البروفيسور ديديه راؤول. والقيام بالتدريب في مختبره في مستشفى Timone في مرسيليا. فريق البروفيسور راؤول هو فريق عالمي له العديد من الجنسيات. وبشكل رئيسي من المغرب الكبير”.

ويقول محمد أنه كان يلقب إنديانا جونز الكائنات الحية الدقيقة. في الواقع، لدى البروفيسور راؤول قائمة رائعة من الاكتشافات. مثل اكتشاف أكبر فيروس (Mimivirus) وأصغر فيروس (سبوتنيك). وقد أكسبه هذا شهرة دولية في هذا المجال.

حصد عدة جوائز

في وقت لاحق. وبعد حصول محمد على شهادته. تحول إلى تخصص جديد “المعلوماتية الحيوية وعلم الجينوم”. وهو مجال ظهر للتو في البحث العلمي. يقوم على استخدام تقنيات تسلسل الحمض النووي الجديدة واسعة النطاق. لذا  خلال درجة الماستر في المعلوماتية الحيوية، درس وحلل أطنانًا من بيانات التسلسل لأمراض مثل السرطان. سمح له هذه الدراسات بالفوز بالعديد من الجوائز والمنح الدراسية لإنهاء دراسته. وإجراء بحث الدكتوراه.

وعن هذه الجوائز يقول: “في الواقع ، كانت جائزتي الأولى هي جائزة “النجم الصاعد” التي يمنحها معهد نيكر/ مستشفى نيكر للأطفال المرضى في باريس. وقد أتاح ذلك الفرصة لي للعمل في هذه المؤسسة المرموقة. ثم الجائزة الثانية. وهي جائزة “أفضل مشروع بحثي” التي تمنحها  رابطة مكافحة السرطان والتي ساعدتني كثيرًا في إنهاء رسالتي في مختبر “نظريات ومناهج التعقيد الجيني” في مرسيليا. إن TAGC هو مختبر متخصص للغاية في المعلوماتية الحيوية . في نهاية رسالتي، حصلت على جائزة أخرى. وهي “أفضل أطروحة لمدرسة الدكتوراه في مرسيليا” لأنها أنتجت عددًا كبيرًا من المنشورات العلمية ذات “عامل التأثير” العالي بالمقارنة مع رفاقي”.

العمل في دبي

وتمكن محمد بلحسين (باحث جزائري) من إنهاء رسالته من خلال 7 مقالات. وذلك في حين أنه كان يحتاج إلى مقال واحد فقط لمناقشة أطروحته. كل هذه المغامرة والخبرة المكتسبة من خلال العديد من مختبرات المعلوماتية الحيوية العالمية لفتت انتباه إليه. وتلقى مقترحات من العديد من المختبرات حول العالم (فرنسا، كندا، المملكة المتحدة، ألمانيا، قطر، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة).  يقول محمد عن خياراته: “بعد دراسة كل مشروع، سواء من وجهة نظر علمية أو عائلية أو اقتصادية، وجدت الخيار الأفضل هو الإمارات”.

هكذا كانت دبي الوجهة التالية أين يعيش منذ ما يقرب 4 سنوات ويعمل فيها كمسؤول عن فريق بحثي. يوضح محمد: “من وجهة نظر علمية، يمنحني المختبر حرية اختيار كبيرة للمشاريع التي أردت تطويرها. وأخيرًا، سأكون منافقًا إذا لم أتحدث عن الجانب الاقتصادي. تعتبر دبي الوجهة الأولى للعيش حتى بالنسبة للأوروبيين”.

ويرى محمد أن البحث الطبي والعلمي في هذه الدولة واعدًا جدًا بفضل الوسائل المتاحة للباحثين على المستوى العلمي أو الشخصي. حيث أنه بالرغم من أنها دولة تستقبل ملايين الزوار والسائحين، فإن عدد ضحايا كورونا لا يزال الأدنى في العالم.

ويرجع هذا الانتصار بشكل رئيسي، حسب محمد، إلى بروتوكول رعاية المرضى سريع التطور والنظام الصحي القوي جدًا في هذا البلد. بالإضافة إلى ذلك،  أدى استخدام الخلايا الجذعية في بروتوكول العلاج الذي نفذته حصريًا الفرق في الإمارات العربية المتحدة إلى تحسن ملحوظ في حالات المرضى.

وفيما يتعلق بالمخبر الذي يعمل فيه الآن، علم الأحياء الجزيئي وعلم الوراثة. يقول: “تم تصميم هذا الأخير لدعم مجموعة واسعة ومتنوعة من البحث العلمي. ويشمل مناطق اختبار كبيرة بأحدث المعدات. يضم MBG Lab مجموعة من العلماء المؤهلين تأهيلا عاليا من ذوي الخبرة في مختلف تقنيات البيولوجيا الجزيئية وعلم الوراثة. ويقدم بيئة عمل ديناميكية ومحفزة ومنتجة. مهمتنا هي توفير أعلى جودة من خدمات التشخيص الجزيئي والبحوث الجينومية للإنسان والحيوان. ومتابعة التقدم المهني والتكنولوجي من خلال التعليم المستمر والبحث والابتكار”.

المعلوماتية الحيوية تتوسع

المعلوماتية الحيوية، في تعريف محمد، هي مجال متعدد التخصصات لأبحاث التكنولوجيا الحيوية. يتم فيها استخدام جميع المجالات العلمية للإجابة على الأسئلة البيولوجية والطبية. عالم المعلوماتية الحيوية هو في نفس الوقت: عالم الأحياء وعالم الكمبيوتر والفيزيائي والإحصائي. وهذا التخصص يتوسع في العالم. ويؤكد: “عن نفسي، أتلقى عروض عمل كل يوم تقريبًا حول العالم من أرقى مختبرات المعلوماتية الحيوية العالمية . وأتلقى تفاعل من طلابي السابقين الذين أشرفت عليهم والذين يعملون في شركات الأدوية الكبيرة ومعاهد البحوث”.

خلال هذا الوباء، تابع محمد الأحداث في الجزائر عن كثب. ويحاول جلب خبرته إلى بلاده، من خلال المناقشات مع زملائه الباحثين والأطباء الجزائريين أو على الشبكات الاجتماعية. وذلك من خلال نشر التطورات العلمية الحديثة. وأيضاً من خلال تصحيح المعلومات الكاذبة المتداولة على الويب. ويؤكد: “مجال المعلوماتية الحيوية له مستقبل في الجزائر. كما هو الحال في كل مكان في العالم”.

تطوير المعلوماتية في الجزائر

يرى محمد، أنه هناك إنتاج ضخم في العالم للبيانات الضخمة المتعلقة بالبحث العلمي وكل هذا متاح للجميع. وبما أن هناك نقصًا في البنية التحتية في الجزائر، فإن المعلوماتية الحيوية هي الحل الذي يوصي به. لأننا نحتاج فقط إلى كمبيوتر قوي والوصول إلى هذه البيانات الضخمة. هذا يسمح بالبحث أثناء التواجد في المنزل. ويقول: “نشرت مقالتين علميتين عن نماذج جديدة للسرطان. وذلك فقط من خلال الرسم من قواعد البيانات العامة واستخدام جهاز الكمبيوتر الخاص بي لإجراء تحليلات البحث. في الواقع، وفقط على سبيل المثال، تخيل مخبرا في الولايات المتحدة يريد الإجابة على سؤال حول مرض معين. هناك ما يكفي من الوسائل لإجراء التجارب والتسلسل الضروري.

وهو ملزم بوضع جميع البيانات في البنك العام. وهذه البيانات مثل الجبل ويمكن لباحثينا المقيمين في الجزائر الاستفادة منها عن طريق أخذ حجر من هذا الجبل لتحليله”. ويرى أن الوقت قد حان لتطوير هذا التخصص في الجزائر ودمج الخريجين في فرق البحث والمستشفيات.

جلب خبرته إلى الجزائر

منذ غادر محمد بلحسين الجزائر في 2003، عاد إليها عدة مرات لجلب المهارات التي اكتسبتها إلى بلده. بدأ في الذهاب ذهابًا وإيابًا للتدريس مجانًا في جامعة البليدة وإعطاء دروس خاصة لأي شخص يرغب في ذلك. وتمكن من إنشاء أول ماستر في المعلوماتية الحيوية وعلم الجينوم في الجزائر في جامعة البليدة، و هو الآن باحث جزائري رائد في هذا المجال

في موازاة ذلك، دعي من قبل العديد من الجامعات الجزائرية لتقديم الدورات والندوات والمؤتمرات أو حتى الإشراف المشترك على الطلاب. من بين هذه الجامعات، جامعة الشلف، تلمسان، الجزائر، وهران وبومرداس.

ساعد محمد أيضًا في إنشاء العديد من مشاريع التعاون بين الجزائر وفرنسا للإشراف على طلاب الدكتوراه الجزائريين في إطار مشاريع الطاسيلي. يتطلع محمد لإنشاء مختبر بحثي في الجزائر، لتدريب أجيال من الباحثين وتقديم كل ما اكتسبوه من خبرة.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى