أخر الأخبار

باحث جزائري يعمل على ترجمة العلوم إلى العربية

محمد نذير جقيدل، شاب جزائري من ولاية الأغواط ترعرع في مدينة حاسي مسعود ولاية ورقلة، درس في الجزائر وتخرج من المدرسة الوطنية العليا للإعلام الآلي في الجزائر العاصمة. يعمل على ترجمة العلوم إلى العربية عبر موقه الخاص.

بعدما حصل الباحث الشاب على شهادة مهندس قرر خوض تجربة إكمال تعليمه في الخارج. حصل على فرصة لدراسة الماستر في الصين، هناك أكمل مرحلة الدكتوراه قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ويلتحق بـHarvard Medical School في مدينة بوسطن.

نذير الذي أذهلته تجربة الصين في الترجمة، أطلق موقعا إلكترونيا للتدوين مختص في ترجمة العلوم إلى العربية في مجال المعلوماتية بالتحديد. يتحدث عن هذه التجربة في حوار مع “سوبرنوفا”.

سوبرنوفا: كيف راودتك فكرة انشاء موقع لتقديم العلوم باللغة العربية؟

أولا أريد أن أشكركم على هذه الالتفاتة الطيبة لموقعنا “المعلوماتية الحيوية بالعربي”، كطالب في المجال التقني (اعلام آلي) في الجزائر لم تكن تراودني فكرة ترجمة العلوم باللغة العربية، لأنه وبحكم أننا ندرس بالفرنسية فالشيء الطبيعي لدى الطلبة هو البحث عن المصادر بالغة الفرنسية أولا وإذا استلزم الأمر نبحث في المصادر الانجليزية، وتقريبا لا نلجئ إلى المصادر العربية.

بدأت فكرة نقل العلوم إلى اللغة العربية تراودني لما تنقلت إلى الصين للتخصص في مجال المعلوماتية الحيوية (Bioinformatics) ورأيت أن للترجمة دورا لا يستهان به في الاسهام في سرعة تطور الأمم، وأن دورها لا يقتصر فقط على توفير مادة للاستهلاك باللغة الام.

أتذكر جيدا في أول أيامي في الجامعة الصينية في أكتوبر 2008 لما كنت أتجول فيها لاكتشف أرجائها صادفني محل بيع كتب فدخلت لأرى أنواع الكتب التي تباع هناك. ما أذهلني هو وجود كتب أجنبية صدرت حديثا مترجمة للغة الصينية ومتاحة للقارئ الصيني بثمن زهيد، ككتاب أوباما الذي نشره في 2007 وكتب مشهورة أخرى نسمع عنها فقط. لكن الصدمة الكبرى كانت لما وجدت أحدث كتب الاختصاص تباع ومترجمة للغة الصينية ونحن نعاني لكي نتحصل فقط على نسخة PDF من الكتاب الأصلي.

ومع مرور السنين واختلاطي مع الطلبة الصينين وتعلمي اللغة الصينية اكتشفت أن زميلا لي في المختبر يترجم الكتب العلمية وأنه ترجم حوالي ثلاثة كتب خلال خمس سنوات ونشرها بالتعاقد مع دور نشر صينية، كما أنه لدى مروري في رواق الكلية كنت في بعض الأحيان أرى إعلانات لشركات تبحث عن طلبة لكي يترجموا لها بعض الكتب الانجليزية إلى اللغة الصينية مقابل مبلغ مالي لكي يتعلم منها مهندسوها، فذهلت لسرعة الترجمة لديهم. فقررت في يوم من الأيام أن أبدا الكتابة عن مجال تخصصي، مجال المعلوماتية الحيوية أو الـ Bioinformatics رغم صعوبة ترجمة المصطلحات.

سوبرنوفا: قمت بإطلاق موقع خاص بالعلوم بالعربية، ماهو هدفك منه وتطلعاتك لتطويره؟

مجال المعلوماتية الحيوية هو مجال جديد ويمثل تقاطع أربع تخصصات: الاعلام الآلي، البيولوجيا، الإحصاء والرياضيات. والكتابات العربية في هذا المجال تقريبا منعدمة. لهذا أحاول التعريف به لطلبة هذه التخصصات. أقوم بكتابة مقالات تشرح الجانب البيولوجي وتشرح المعادلات المستعملة وأقدم أمثلة برمجية لتحليل البيانات المستعملة في هذا المجال وأحاول أن أبسط اللغة.

الهدف الرئيسي للموقع هو التعريف بمجال المعلوماتية الحيوية وأحدث الأبحاث العلمية فيه للقارئ العربي بطريقة أكاديمية وبدون ترجمة حرفية أو نسخ ولصق من مواقع أو كتب أخرى لكي أعطي القارئ أهم المعلومات التي تمكنه من قراءة الأبحاث العلمية في هذا المجال، كما أسعى لأن يكون المحتوى متميزا، فآخذ وقتي في تحضير المقال، وقراءة الكثير من المصادر، أرسم بعض المخططات أو أترجم محتوى بعض الصور البيانية وأضع قائمة المصادر في نهاية كل مقال. والحمد لله الموقع يلاقي اقبالا كبيرا من المختصين في هذا المجال وهناك الكثير ممن يتصلون بي من الطلبة والباحثين من أطراف العالم العربي للاستفسار عن بعض المعلومات أو المصادر أو للتشجيع فقط.

من بين الأهداف المستقبلية للموقع هو تحويل محتواه إلى كتاب (الكتروني أو ورقي) يكون أكثر شرحا وأكثر تعمقا وجعله مرجعا لتعليم هذه المادة، كما أني أسعى إلى تقسيم الموقع إلى عدة فروع وإضافة العديد من المقالات المعمقة، وربما في المستقبل انشاء قناة يوتيوب مرافقة للموقع إذا سمح لي الوقت لكن ليست من بين الأولويات.

سوبرنوفا: كباحث ماهي التحديات التي تواجهها في إدارة الموقع وإنتاج محتوى علمي؟

كما هو معروف، كباحثين في العادة لا نلتزم بقاعدة العمل لـ 8 ساعات في اليوم، ففي الكثير من الأحيان نقضي من 10 إلى 12 ساعة يوميا في البحث العلمي، قراءة آخر البحوث وكتابة مقالات من أجل النشر في المجلات العلمية، فاكبر تحدي هو إيجاد الوقت للتفرغ لكتابة مقالة في الموقع خاصة وأنها باللغة العربية وفي بعض الاحيان أقضي وقتا طويلا لأجد الترجمة العربية الصحيحة لمصطلح من المصطلحات العلمية.

من الجانب التقني، فبحكم أن تكويني الرئيسي هو مهندس اعلام آلي، لم أواجه صعوبات تقنية كبيرة، لكن الصعوبة الكبيرة هي إيجاد فريق عمل أو كٌتاب آخرين ذو مستوى أكاديمي يمكنهم المشاركة في الكتابة، فلحد الآن أقوم بكل شيء بنفسي. السبب أن الكثير من الباحثين تكونوا بالفرنسية أو الإنجليزية فإنهم يجدون صعوبة في الكتابة العلمية بالعربية لعدم توفر ترجمة للمصطلحات مما ينفرهم قليلا. أيضا بحكم أن الموقع يقدم محتوى متخصص ويحرص على النوعية الجيدة للمقالات، يصعب إيجاد كتاب لا يقومون بالترجمة الحرفية أو لا يقومون بالشرح السطحي للأمور أو يقدمون المقالات خارج أية إيديولوجية.

سوبرنوفا: في رأيك كيف يساهم الباحثون الجزائريون في تعزيز المحتوى العلمي الإلكتروني بالعربية؟

أنا أشجع كل باحث جزائري على التدوين، ليس فقط من أجل اثراء المحتوى العربي، لكن أيضا لأنه يساعده في تطوير مساره العلمي والمهني، فمثلا مجلة نايتشر البريطانية كتبت الكثير من المقالات لحث الباحثين على التدوين العلمي آخرها كان مقال بعنوان “Why science blogging still matters“.

الكتابة العلمية تٌمكن الباحث من مراجعة وتطوير معلوماته العلمية لأنها تضطره إلى المراجعة الدقيقة للتفاصيل التي ربما نسيها. تمكنه أيضا من التعرف على باحثين آخرين من نفس المجال وتكوين علاقات وربما حتى تعاون علمي وإنشاء همزة وصل بين المشرق والمغرب العربيين. من الجانب الاجتماعي تساهم في نشر الوعي ومحاربة الشعوذة العلمية التي زاد انتشارها مع ازدهار وسائل التواصل الاجتماعي.

وبخصوص الجانب التقني لنشر وتحرير المدونات فاصبح الآن سهلا خاصة مع انتشار العديد من أدوات انشاء المواقع المجانية ونشر وكتابة المقالات دون أدنى معرفة تقنية. كما يكن للباحث النشر في مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يسمي بالـ Micro-blogging.

تصفح موقعه الإلكتروني من هنا
تابع صفحته على فيسبوك

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى