أهداف وأهمية الاتصال العمومي

المحاضرة (2): أهداف وأهمية الاتصال العمومي

  1. أهداف الاتصال العمومي:

إن أهداف وأهمية الاتصال العمومي متعددة ومتشعبة وتختلف باختلاف أشكال. ولهذا سنحاول في هذه المحاضرة تلخيص الأهداف العامة للاتصال العمومي في مجموعة من النقاط الرئيسية. قبل التطرق إلى أهداف الحملات باعتبارها شكلا من أشكال هذا الاتصال في مرحلة لاحقة.

  • المصلحة العامة:

              يهدف الاتصال العمومي إلى تحقيق المصلحة العامة. وتعتبر هذه الأخيرة أهم هدف في هذا النوع من الاتصال. وبمعنى آخر لا يمكننا الحديث أصلا عن الاتصال العمومي إذا لم يكن الأمر يتعلق بالمصلحة العامة. ويقصد بالمصلحة العامة عملية تزويد المواطنين بمختلف المعلومات الرسمية المرتبطة بنشاط المؤسسات العمومية الرسمية والحكومية على المستوى الوطني أو المحلي. كما يمكن أن يكون ذلك على المستوى الإقليمي أو الدولي. وذلك حسب طبيعة الجهة أو المؤسسة التي تقوم بالاتصال العمومي.

               وبالتالي فإن الاتصال العمومي لا يهدف إلى المصالح التجارية بأي شكل من الأشكال، مثل رفع المبيعات وتحقيق الأرباح أو الترويج إلى السلع أو الخدمات المدفوعة. بما في ذلك العروض التكوينية للجامعات الخاصة أو المؤسسات التعليمية الربحية. وينبغي أن يكون الهدف الأساسي منه الخدمة العمومية وتحقيق المصلحة العامة للجمهور المستهدف.

إن الاتصال العمومي يركز على قضايا تهم جميع أفراد المجتمع. ويمكن أن يكون هذا الاتصال صحيا، اقتصاديا أو تربويا بحيث يعالج مشاكل مختلفة الأبعاد وفق المجالات المختلفة للاتصال العمومي.[1]

  • مراعاة حقوق وواجبات المواطنين

              إن الاتصال العمومي يهدف بشكل أساسي إلى مراعاة حقوق وواجبات المواطنين. وذلك على اعتبار أن الجمهور المستهدف في الاتصال العمومي مواطن وليس مستهلك، ومعنى ذلك أن القائم بالاتصال العمومي ينظر إلى الجمهور المستهدف على أساس  أنه مواطن لديه حقوق وواجبات. ويتواصل معه على هذا الأساس من خلال تقديم المعلومات والحملات التي تعزز تمتعه بحقوقه وإلزامه بواجباته. مثل القيام بحملات الاتصال العمومي من أجل توعية المواطنين بواجباتهم نحو الحفاظ على البيئة من التلوث وعدم قطع الأشجار وحماية الغابات وغيرها. أو من خلال مخاطبة فئة المواطنين الأميين وتوعيتهم بضرورة التسجيل في مدارس محو الأمية على أساس أنه حق من حقوقهم. ومن هنا يتضح أن الاتصال العمومي لا يخاطب الجمهور المستهدف كمستهلك. وبالتالي فهو لا ينظر إليه ويتواصل معه ويستهدفه كزبون تقدم له حملات تسويقية لشراء سلع أو الاستفادة من خدمات مدفوعة، بل على العكس من ذلك تماما.

إن الاتصال العمومي في السياق الحالي لأزمة السلطات والقيم وتمثيل المؤسسات، يجب أن يكون مصدر قلق دائم للمؤسسات والهيئات العمومية. وهنا ليس المقصود التواصل بالمعنى الإعلامي للمصطلح ولكن التواصل الذي يصاحب العمل العام. أي يجب أن يكون مفهوما من قبل الجميع وبالتالي قابل للنقاش. إن تعريف المرء بما يفعله وشرح لماذا وكيف يتم ذلك، يعتبر من أولى واجبات المؤسسة العمومية. ويجب أن تضمن هذه الأخيرة إعلام المواطنين لتمكينهم من ممارسة حقوقهم وواجباتهم مع المعرفة الكاملة بالحقائق.[2]

  • الإعلام، الإقناع والتأثير:

              يهدف الاتصال العمومي إلى إعلام المواطنين، محاولة إقناعهم والتأثير فيهم. وذلك حسب طبيعة الرسالة الاتصالية الموجهة لهم. ونقصد بالإعلام هنا، توفير القائم بالاتصال العمومي لمعلومات صادقة، دقيقة وتحديثها بشكل دوري. وضمان وصولها إلى الجمهور المستهدف عبر مختلف قنوات التواصل الممكنة. وذلك حول مختلف القضايا التي تهم هذا الجمهور وتمس مصالحه وتؤثر في المحيط الذي يعيش فيه. وبالتالي فالهدف هنا من الاتصال العمومي  تزويد الجماهير بالمعلومات و البيانات حول الموضوعات والقضايا ذات الصلة بحياتهم والمتعلقة بحقوقهم أو واجباتهم.

              ونقصد بالإقناع والتأثير، أن الاتصال العمومي يهدف إلى التأثير في المواطنين. وإقناعهم بتغيير سلوكياتهم أو معتقداتهم أو أفكارهم أو إحداث تعديلات تدريجية في مواقفهم. اتجاه الظواهر والقضايا التي تمس المجتمع لتحقيق مصلحة عامة. ويمكن أن يكون ذلك من خلال الحملات التوعوية مثلا في مجال الصحة والبيئة والتعليم وغيرها. وبالتالي فهو يهدف إلى التأثير على مواقف و اتجاهات الجماهير المستهدفة نحو قضايا محددة أو عامة تمس شريحة من المجتمع وترتبط بظاهرة فيه. مثل الظواهر الاجتماعية كالمخدرات والتسرب المدرسي والقضايا البيئية كالتلوث وغيرها.

ويستخدم الاتصال العمومي الأساليب والتقنيات للمرافقة ولإحداث تغييرات في السلوك. ويرى ميشيل لونات أنه اتصال عام يركز على الآثار الضرورية للتقدم الفردي والجماعي ويخاطب المواطنين كأفراد مستقلين ومسؤولين عن سلوكهم ويخلق مناخا نفسيا يؤدي إلى قبول الرسائل السلوكية[3].

              ويمكن تلخيص أهداف الاتصال العمومي بشكل عام، في 3 أهداف أو مهام رئيسية وهي:

المهمة الأولى للاتصال العمومي، وهي تعريف المواطنين وإعلامهم بالسياسات العمومية الممارسة من طرف السلطة السياسية. حيث تنشر الرسالة أو المعلومة الحكومية في سياق يمتاز بالتعددية.

المهمة الثانية فهي مرتبطة بالرغبة في تغيير سلوك المواطنين ويتعلق الأمر هنا بحملات التوعية والوقاية في المجال الصحي (الإيدر السرطان، …)، أو ما تعلق بالأمن (العنف المنزلي، أمن الطرقات وحوادث المرور، ما، أو تلك المرتبطة برهانات التنمية المستدامة.

المهمة الثالثة فإن الاتصال العمومي يركز على المعلومة الإدارية والمرتبطة بالخدمة العمومية وتثمينها. ويتعلق الأمر بالاتصال الإداري الموجه للخدمة العمومية أو الاتصال الصادر عن إحدى المؤسسات الحكومية مثل وزارة الدفاع الوطني بهدف الاتصال العمومي إلى المنفعة العامة.

وحسب “Pierre Zémor” فإن الصالح العام هو الخاصية التي تحدد طبيعة الاتصال العمومي”. ومنه فهو اتصال بعيد عن الأهداف التجارية، جمهوره المستهدف ليس المستهلك بـل المواطن. هو يستهدف أشخاص يتمتعون بحقـوق وعليهم واجبات، وهو ما يبدو مستحيلا في البلدان غير الديمقراطية، حيث ما يظهر الاتصال العمومي تحتفي الدعاية[4].

  1. أهمية الاتصال العمومي:

تتجلى أهمية الاتصال العمومي في القدرة على توجيه الفعل العمومي لخدمة المصلحة العامة سيما من خلال الإعلام (informing population) الشرح  ( explaining action and decisions) تمكين الجماهير المستهدفة من الفهم ( create clear understanding)، التثمين risation المساعدة على التغيير، الإنصات للفاعلين والمواطنين…، إنه اتصال يسعى أيضا للتحكم في التصورات الجماعية (controlling a collective representations) تجاه المؤسسة والإقليم ومختلف الفاعلين.[5]

إن الاتصال العمومي يعتبر أداة هامة في يد السلطة والهيئات العمومية المركزية والمحلية لإشراك المواطن في تسيير تلك المرافق العمومية وكذا المشاركة في عملية التنمية المسطرة. إذ إن إعلام المواطنين وتمكينهم من كافة المعلومات والمعطيات المتعلقة بالقضايا والمسائل التي تهمهم من شأنه المساهمة في إيجاد الحلول للمشاكل التي تواجهها الدولة هذا من جهة. ومن جهة ثانية جعل البرامج والسياسات والقرارات العمومية المتخذة من قبل الدولة ومختلف مرافقها تحظى بالقبول لدى المواطن. [6]

ويشهد الاتصال العمومي اهتماما متزايدا باعتباره توجه حديثا في آليات التواصل بين الدولة والمواطن. وهذا من خلال تبني نهج الحوار بين الإدارة والمواطنين، وذلك من خلال الاستماع لانشغالات المواطن ومشاكله، وآرائه، والعمل على أخذها بعين الاعتبار عند عملية وضع السياسات العمومية، بهدف تحسين الخدمة العمومية. ويكون ذلك من خلال إعلام المواطن بكافة المستجدات، والإجراءات المتخذة، والبرامج المسطرة وتسهيل وصوله إلى المعلومات.[7]

مراجع  أهداف وأهمية الاتصال العمومي

[1] Boris Libois, La communication publique pour une philosophie politique des medias, Edition L’Harmattan, Paris, 2002, P33.

[2] Dominique Mégard, Sur les chemins de la communication publique, Op, Cit, P28.

[3] Ibid

[4]  نسرين داودي، الاتصال العمومي في الجزائر: بين قناع الديمقراطية وواقع الأبوية الاستبدادية، المجلة الجزائرية للعلوم الاجتماعية والإنسانية، المجلد 05، العدد 08، سنة 2017، ص140.

[5]  نصر الدين بوزيان، الاتصال العمومي الجزائري خلال عدوان تيقنتورين، المجلة العربية للأبحاث والدراسات في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 12، العدد 1، جانفي 2020، ص969.

[6] سامي خفي، جمال بن زروق، الاتصال العمومي في الجزائر: قراءة في المفهوم والممارسات، مرجع سابق، ص 284.

[7]  نفس المرجع، ص265.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى