مانديل بائع الكتب القديمة للكاتب ستيفان زفايغ .. قصة ملهمة

كتاب مانديل بائع الكتب القديمة للكاتب ستيفان زفايغ من الكتب الشيقة والملهمة، مؤلفه الكاتب الملقب باوتولستوي النمسا، كما يطلقه عليه النقاد. ولد سنة 1881 بالعاصمة النمساوية “فيينا” من أسرة برجوازية ذات أصول يهودية. يحمل دكتوراه في الفلسفة بالإضافة إلي إتقانه لأكثر من لغة. وهو ما وسع معارفه وطور إمكانياته في الترجمة رغم أنه في بداياته كان شاعرا.

جعله فتيل الحرب يغادر موطنه النمسا نهائياً، لاجئا من باريس إلى لندن ثم البرازيل أين أقام فيها بصفة نهائية ليضع حدا لحياته سنة 1942 بالبرازيل بعد يأسه التام من أن يحل السلام وتستكين الحروب.

اشتهر الكاتب استيقان زفايغ بالنوفيلات أو الروايات القصيرة من أشهرها: رسالة من امرأة مجهولة، لاعب الشطرنج، السر الحارق، فوضى الأحاسيس، أربعة وعشرون ساعة في حياة امرأة، وغيرها. بالإضافة لاشتغاله على السير الذاتية لكبار الأدباء مثل: دويستوفيسكي، تولستوي والملكة الفرنسية ماري أنطوانيت.

مانديل بائع الكتب القديمة

ينتشر باعة الكتب في الشوراع والأرصفة، يعرضون نفائس الكتب وأندرها. في هذه القصة يرسم لنا زفايغ بورتريه لأحدى باعة الكتب المعروفين في العاصمة النمساوية “فينا” قبيل الحرب العالمية الأولي. يظهر لنا على لسان بطله وهو الراوي مدى عظمة السيد “جاكوب منديل” وثراء ثقافته، فلا يغيب عن ذاكرته الشارد والوارد من الكتب بصفحاتها ومؤلفيها وسنوات نشرها والبلدان التي نشرت فيها. بالإضافة إلى شغفه اللامحدود بقراءة الكتب. والتي يكون في حضرتها كناسك متعبد لا يأبه بمن يحدثه أو بما يحدث في محيطه الخارجي.

السيد “مانديل” لا تبدو عليه ملامح جشع التجار وإنما بساطة وطيبة مع كل من يرتاد طاولته المرمرية، خاصة الطلبة البسطاء الذين يأتون إليه وهم في أمس الحاجة لمراجع البحث فلا يردهم خائبين يعمل كل ما بوسعه لمساعدتهم لقاء تلك المبالغ الزهيدة التي كانوا يجودون بها عليه.

“عندما يقدم لمانديل كتابٌ ضئيلُ القيمة، يغلفه بعنف…أما كتاب فريد ونادر، فإنه يتراجع باحترام ثم يضعه على ورقة بيضاء احتياطيا خجلاً من أياديه القذرة ذات الأظافر السوداء الملطخة بالحبر. قبل أن يشرع في توريق الكتاب صفحةً صفحةً وقد غمره ورعٌ حقيقي. وفي تلك اللحظة لا يمكن لأحد أن يزعجه، كما لا يمكن إزعاج مؤمن إثناء صلاته”.

لعنة الحرب التي تلاحقه

تمر أيام “جاكوب مانديل”  كالمعتاد مع كتبه  بعد أن قل زبائنه من الطلبة بسبب الحرب مما زاد في انعزاله وتمسكه أكثر بكتبه إلى اليوم الذي قلبت فيه حياته رئساً على عقب. في اللحظة التي كان معتكفا في محرابه مع أبنائه الكتب داهم طاولته عناصر من الدرك والبوليس السري الذين ظنهم زبائن لكنهم لم يكونوا كذلك بل جاؤوا لاقتياده إلى المركز العسكري للرقابة. امتثل السيد “مانديل” لأمرهم دون نقاش. هناك وجهت له تهمة ارسال بطاقات بريدية لأشخاص في دولتين معاديتين لبلده وهما فرنسا وبريطانيا، رغم أنها مراسلات عادية تدخل ضمن عمله.

لكن طوارئ الحرب لا ترحم وضحاياها هم الضعفاء من البشر الذين يجهلون ماذا يدور خلف الأسوار وعلى طاولة الكبار، وليس مثل “عالم الكتب الذي يعيش فيه، لم يكن فيه ثمة سوء فهم، ولا حرب وإنما رغبة وحيدة على الدوام، هي أن يعرف مزيدا من الكلمات والتواريخ والأسماء.”

عرفان وتقدير لبائع الكتب

في الحقيقة لم يكتف “استيفان زفايغ” برسم مكثف لبورتري السيد “جاكوب مانديل” بائع الكتب كما كان يفعل الكاتب الفرنسي “جان دي لا بيير” بل أظهر الجانب القيمي للبوكنيست في حياة الكثيرين. وصور عوالمه وحياته ومنحه صوتاُ وأنصفه. وهذا لالتزامه بقضايا الإنسان وكونه كاتب مناهض للحرب ولمخلفاتها ويمقت كل تخندق ايديولوجي. اختياره لبائع الكتب  القديمة  كان تكريما وعرفانا لجميع باعة الكتب. فهم صناعٌ الانتلجنسيا وجزء راسخ في الحضارة.

مانديل بائع الكتب القديمة للكاتب ستيفان زفايغ يبرز الوجه البشع للحرب الذي كان السيد “مانديل” أحد ضحاياها الأبرياء بوضعه في زنزانة واحدة مع المجرمين والجواسيس، فأهدرت سنتين من عمره دون الاعتذار له ورد الاعتبار لكرامته. لتحميل الكتاب والإطلاع عليه باللغة العربية إضغط في الرابط مانديل بائع الكتب القديمة.

الكاتب: أسماء جزار

 

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

المصدر
سوبرنوفا
زر الذهاب إلى الأعلى