رحيل الشاعر العراقي سعدي يوسف الذي أقام في الجزائر

توفي في العاصمة البريطانية الشاعر العراقي سعدي يوسف عن عمر يناهز الـ 87 عاما، بعد معاناة مع مرض عضال في سنواته الأخيرة، حسب ما نشر في موقع بي بي سي.

ويعد سعدي يوسف أحد كبار الشعراء في العالم العربي خلال العقود الخمس الماضية وأحد أبرز الأصوات الشعرية في عالم الشعر من حيث التجربة الشعرية وغزارة الإنتاج.

وينتمي سعدي يوسف إلى موجة الشعراء العراقيين التي برزت في أواسط القرن الماضي، وجاءت مباشرة بعد جيل رواد ما عرف بالشعر الحر أو التفعيلة، الذي أطلق على رواد تحديث القصيدة العربية من أمثال نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وبلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي.

وقد أطلق البعض على هذا الجيل اسم “الجيل الضائع”، فقد عايش بعضهم جيل الرواد لكن منجزهم الحقيقي جاء في الخمسينيات، وضم هذا الجيل إلى جانب سعدي يوسف، الشعراء محمود البريكان ومظفر النواب وآخرين.

سعدي يوسف أقام في الجزائر وكتب عنها

وفي منشور على حسابه الخاص، يقول الكاتب الجزائري بوداود عويمر أن سعدي يوسف يعتبر رحمه الله واحدا من أبرز الشعراء العرب المعاصرين، خبرة طويلة في الكتابة وفي الحياة. عندما قرأت أول مرة ديوانه “الأخضر بن يوسف” أحسست أنني أمام شاعر متميز ومختلف، في لغته وفي اختياراته؛ مع شعر سعدي يوسف لا مكان للتهويم أو اللامعنى، قصائده معان ودلالات وعبر ولغة راقية.

منذ تلك اللحظة، تلك الدهشة، أدمنت على قراءة قديمه وجديده، من حسن الحظ أنه كان يحرص على نشر قصائده الجديدة في الصحف والمجلات العربية وفي المواقع الالكترونية وعلى صفحته في الفايسبوك؛ فقد كان رحمه الله يؤمن بمقاسمة الإبداع مع قرائه، بعيدا عن اكراهات النشر.

سعدي يوسف مختلف في شعره وأيضا في شخصيته ومواقفه ونظرته للناس والأشياء. هكذا  لم يكن يعترف بالوضع السياسي والديني السائد في العراق، رافضا العودة إلى بلده في ظل الوضع القائم. يشعر بالفزع من أشباه المثقفين: “أنا آنَسُ بالناسِ. لكني أشعرُ بالفزَعِ من المثقفين؛ وإذْ أراجعُ سيرتي أرى أن فترات إبداعي الأكثر امتداداً، هي تلك التي لم ألتقِ فيها بأولئك المثقفين”. يصف أوروبا، التي يقيم فيها منذ أكثر من 25 سنة بـأنها: “أوربا المعقَّمة، الكالحة، أوربا الصامتة بأهلِها المغلَقين، وكِلابِها الصامتة. لا صديقَ، ولا رفيقَ. حتى أبناءُ ما كان بَلَدَكَ ، أمسَوا أحياءَ – موتى ، لِفَرْطِ محاولتِهم تقليدَ مَن يعيشون في كنَفِهم”.
يحمل الشاعر سعدي يوسف محبّة خاصة للجزائر “الجزائرِ تلك التي آمَنَتْني، سلامْ”، يقول في قصيدته “حسين داي”.

أبدع خلال إقامته في الجزائر

يعترف أن فترة إقامته في الجزائر ما بين 1964 و 1971، هي فترات إبداعه الأكثر امتداداً، “فترةَ غنىً وتجارب، أسفرَتْ عن ديوان : بعيداً عن السماء الأولى”. هكذا كتب شعرا جميلا عن الأماكن والمدن الجزائرية التي أقام فيها، عن تلمسان ومغنية وسيدي بلعباس وحسين داي في العاصمة. يقول في قصيدة اختار لها كعنوان “سيدي بلعباس”:
سِيْدي بِلْعبّاس ، كانت وطني
عندما طوَّحَ بي رملُ العراقْ
كأسُها عنقودُها إذْ ينحني
والحقولُ الطِّيْبُ والليلُ اعتناقْ.

وعن مدينة “مغنية” كتب:
في ” مَغْنيّةَ ” كان فرنسيّون
كانوا الأقدامَ السُّود…
كانوا مثل ضِباعِ الدّغْلِ يصولون
حتى ارتفعتْ راياتُ الثورةِ، والْتَأَمَ الأُخدودْ.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى