رحلة من بشار إلى تونس

هي رحلة مختلفة عن الخرجات السابقة التي جمعتنا، ربما لأن “القلم” كان حاضرا بيننا، ليروي لكم تفاصيل هذه المغامرة الجديدة التي أردنا أن نشاركم لحظاتها وأحداثها، نتشاركها جميعا ونحتفظ بها داخل حقائبنا. رحلة طويلة من صحراء الجزائر إلى تونس. إكتشف تفاصيل هذه الرحلة معنا واستفد من تجربتنا.

بداية الرحلة التي قمنا ببرمجتها رفقة وكالة سياحية، من لم تكن كما توقعنا بحيث أننا تمنينا السفر في الصباح بدل المساء حتى ندع القلم يجد راحة تامة في التعليق على المناطق التي يصادفها أثناء السفر لكن شاء القدر أن كل الرحلات الصباحية كانت محجوزة مما جعلنا نستقل آخر حافلة تقلع باتجاه الجزائر العاصمة حتى لا نضيع الرحلة بأكملها فكان نصيبنا منها أن نسافر على الساعة 20:30 ليلا.

من بشار إلى العاصمة

رحلاتنا السابقة نحو الجزائر ساعدتنا في معرفة الطريق التي سلكناها، فبعد مغادرة تراب مدينة بشار تصادفك آخر بلدية تابعة لها من ناحية الشمال هي بلدية “بني ونيف” التي رحبت بنا لتناول وجبة العشاء وشرب كأس من الشاي، مع العلم أن هاته المدينة لديها منطقة سياحية جميلة تتميز بالمساحات الخضراء تسمى منطقة “فندي”، بعدها تابعنا المسير لتستقبلنا أولى البلديات التابعة لولاية النعامة وهي مدينة “مقرار” التي يقال عنها أنها تشتهر بسوق تجد فيه كل ما يخطر على البال.

بعد ذلك كان لنا دخول أراضي ولاية سعيدة عبر بوابتها الجنوبية قرية “سيدي بوبكر” التي تستقطب المارة لتعبئة الوقود وأخد كوب من القهوة خاصة وأن المقهي يعمل طوال 24 ساعة، لكن بعد ركوبنا الحافلة كان التعب قد نال منا وهو ما سمح لنا بركوب سفينة السبات العميق الذي ضيع لنا فرصة اكتشاف مدينة سعيدة ومعسكر اللتان تملكان مساحات خضراء وحمامان لكل منها فالأولى تشتهر بحمام “بوحجر” أما ولاية معسكر مدينة الأمير عبد القادر لديها الحمام الشهير المعروف بــ: “حمام بوحنيفية” فإذا كنت مسافرا عبر هذا الطريق احرص ألا تنام وتفوت سحر المدينتين.

فتحنا أعيننا على مدينة “أرزيو” التابعة لولاية غليزان، التي تشتهر بالفلاحة وتربية الأغنام، لنكمل طريقنا عبر الطريق السيار الذي يمر عبر مدينة الشلف ثم مدينة عين الدفلى والبليدة التي نطل من خلالها على المناطق التابعة للجزائر العاصمة وبذلك كان دخولنا للجزائر على الساعة 9:30 والنزول في محطة خروبة لنسدل الستار على الجزء الأول من مغامرة قرطاج.

من العاصمة إلى تونس

عند وصولنا إلى الجزائر البيضاء كان المكان المحدد لالتقاء المجموعة هو المركز التجاري أرديس، بحيث أننا تجولنا بداخل هذا المركز العملاق ريثما يجتمع الفوج القادم من الجزائر. وبعد وصول كل الأعضاء كانت الساعة تشير إلى 14:30 مساءا وهو التوقيت الذي انطلقت فيه الحافلة من جديد لتكمل رحلة اكتشاف الطريق بين البلدين مودعين الجزائر البيضاء. سلكنا الطريق السيار شرق غرب مرورا بولاية بومرداس والبويرة وكلاهما ولايتين تظهران التجانس والمزيج بين الثقافة العربية والأمازيغية، ثم تابعنا السير عبر ولاية برج بوعريريج التي تسمى بوابة الشرق وتتميز كذلك ببردها القارس في فصل الشتاء وحرارتها المرتفعة خلال فصل الصيف.

استقبلتنا مدينة سطيف والعلمة وصولا إلى قلب الشرق مدينة ميلة وقسنطينة التي حرمنا من مشاهدة الجسور المعلقة عن قرب بعدما وصلنا لهذه الولاية في ساعة متأخرة من الليل لكنها رحبت بنا لتناول وجبة العشاء، ولما صعدنا الحافلة لنكمل المسير غلبنا النوم حتى وجدنا أنفسنا أمام الحدود الجزائرية التونسية مركز أم الطبول حينها أدركنا أن الرحلة قربت على النهاية فما كان لنا إلا أن نأخذ قسطا من الراحة حتى تكمل شرطة الحدود من إجراءات الدخول والتأشير على جوازات السفر الخاصة بنا وهو ما كلفنا الانتظار حوالي ساعة من الوقت بعدها تم السماح لنا بدخول ارض الأشقاء التونسيين.

في تونس لا تغمض عينيك

في صباح يوم الاثنين 1 ماي وعلى الساعة 07:30 توقفت الحافلة عند أول محطة بنزين تابعة للأراضي التونسية فما كان لنا إلا أن نشتري شريحة هاتف جديدة للتواصل مع الأهل والأصدقاء، ومن تم عزمنا على أن لا نغمض أعيننا ثانية لأننا متشوقون لرؤية هذا البلد الجذاب للسياح من كل أنحاء العالم، حتى أن أهم مداخيله تأتي من قطاع السياحة. أول مدينة استقبلتنا هي مدينة “تبرقة” ثم مدينة “باجة” بعدهما وصلنا العاصمة التونسية ونحن نلتفت يمينا وشمالا خلال السير حتى نتمكن من الاكتشاف أكثر فأكثر، ومن أجل الاقامة كانت وجهتنا نحو مدينة الحامامات وبالضبط في فندق “سميرة كليب” وهذا كان الوصول إليه في الساعة 10:00 صباحا فما كان من المشرفين إلا التكفل بجلب مفاتيح الغرف للخلود إلى الراحة.

لا تفوت رحلة في بحر سوسة

أشرقت شمس يوم الثلاثاء وأشرقت معها جفون عيوننا آملة في قضاء أول أيام المغامرة السياحية داخل الأراضي التونسية، وبعد تناول وجبة فطور الصباح والقيام بجولة خفيفة داخل الفندق واكتشاف الملحقات التي يتوفر عليها، عزمت الفرقة على التوجه إلى مدينة سوسة والتي تبعد عن مقر العاصمة بحوالي 71 كلم ، ومنذ لحظة إقلاعنا من الفندق بدأنا نكتشف فعلا المنشآت الموجودة والفنادق المصطفة على جانب الطريق مما زادنا يقينا عن إزالة الشك من خلال العمل الجبار التي قامت به الدولة التونسية بالنهوض بالسياحة وتوفير كل ما يلزم لراحة السياح، عند الساعة 11:00 رست بنا الحافلة على شاطئ سوسة لأن البرنامج كان يتضمن رحلة سياحية بالسفينة داخل البحر وهو ما تحقق بركوبنا سفينة “سالمة” العملاقة والجميلة لتجول بنا ساحل سوسة الجميل. لهذا إذا كنت ستزور سوسة فلا تفوت فرصة القيام برحلة داخل البحر.

في المساء توجهنا إلى زيارة “باب القنطاوي” الذي يحمل بين أحضانه معلم سياحي بالإضافة إلى ألعاب التسلية وشاطئ مليء بالسفن والقوارب وهو ما زادنا إلحاحا في نفوسنا لركوب قارب صغير والقيام بجولة ثانية داخل شاطئ القنطاوي، وبهذا كانت رحلة اليوم الأول، صحيح أنها كانت متعبة من جهة لكنها رائعة من جهة أخرى.

تسوق في باب نابل

مدينة “نابل” هي ولاية من ولايات تونس تبعد عن مقر العاصمة بــ: 61كلم ، عندما سألنا عن سبب برمجة الزيارة لهذه المدينة قيل لنا أنها تملك سوقا يسمى “باب نابل” يعتبر من أكبر الأسواق في تونس ولذلك كان لنا شرف الذهاب إليها خاصة وأن السوق يختص ببيع الأشياء الثمينة والتي يمكن أن تأخذها كذكرى للعائلة والأصدقاء كالحلي والمجوهرات واللباس التقليدي والأواني المصنوعة من الخزف …إلخ. إذا كنت في تونس لا تتنسى أن تتسوق في باب نابل، لكن انتبه لميزانيتك لأن بائعي سوق نابل لهم ميزة في طريقة الترحيب بالسائح ويمكن أن يجبرونك على شراء ولو خاتم من حديد، المهم عدم الخروج فارغ اليدين من السوق.

تسلى في قرطاج لاند

مواصلة لخرجاتنا الميدانية داخل تونس الخضراء كانت الوجهة هذه المرة نحو مدينة الألعاب “قرطاج لاند” الكبيرة الذي حولت طابعنا في هذا اليوم من سياحي إلى ترفيهي بامتياز، خاصة بعدما اكتشفنا الألعاب التي تتوفر عليها “قرطاج لاند” كان لابد لنا أن نجرب كل لعبة على حدا لأننا صراحة انبهرنا بهاته الألعاب خاصة لعبة Medina mediterraneaالتي اكتشفناها لأول مرة بحيث أنها تلعب داخل النهر مرورا بالحيوانات المرعبة حتى ولو أنها خيالية فقط لكنها مخيفة، وبهذا كانت تمضية الوقت كله في هذه المدينة الساحرة. لا تنسى اذن أن تتسلى خلال رحلتك في قرطاج لاند.

تمتع بخرجة حرة

يوم 19 ماي، كان يعتبر آخر أيام الرحلة الاستكشافية لذلك كان مفتوح للزوار بحيث أن كل واحد هو حر في خرجته، فالبعض أراد أن يخصصه للسباحة والبعض الأخر أراد الخروج لقضاء حاجياته، أما نحن فقد جزئناه إلى جزئين جزء الصباح كان استغلاله داخل حوض السباحة والجزء الثاني في المساء كان بالسفر إلى مدينة نابل لاقتناء حاجيات منزلية وتوديع أصدقائنا الجدد هناك في نابل، والإستعداد للعودة إلى الديار في اليوم الموالي، وكما أشرقت شمس اليوم الأول من الرحلة أشرقت شمس يوم العودة إلى الديار فما كان منا إلا أن نحزم الحقائب وتوديع الأصدقاء ومغادرة الفندق البهي الذي استضافنا لـمدة أسبوع كامل، وبهذا كان الاقلاع على الساعة 13:00 زوالا.

سافر ولو لمدة قصيرة

رحلة قرطاج، هي بالنسبة لنا اكتشاف جديد يضاف إلى المناطق التي اكتشفناها من قبل، فزيارة مكان جديد تمنحنا تجربة جديدة، حتى ولو كان ذلك لفترة قصيرة، وتجعلنا نقف على قوة تونس السياحية التي ترتكز أساسا على التماشي مع متطلبات السياح من فنادق، وسائل الراحة، رجال الارشاد والسهر على راحة السياح وخلق جو للترفيه.
الكاتب: يحي طالبي

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى