3 باحثين جزائريين ملهمين رحلوا في سنة 2020

شهدت سنة 2020 رحيل عدد من الباحثين والمفكرين الجزائريين، الذين يعتبر رحيلهم خسارة كبيرة للوطن والعلم. في هذا المقال نتحدث عن 3 باحثين جزائريين ملهمين رحلوا في سنة 2020 وتركوا انجازات ملهمة.

  • المهندس يوغرطة بن علي

يوغرطة بن علي، شاب جزائري من تيزي وزو، ولد ونشأ في عين وسارة ولاية الجلفة، كاتب ومدون محتوى ومهندس برمجيات على الويب، حقق إنجازات ملهمة وإبتكارات مهمة وشارك في برامج وطنية ودولية وترك عددا معتبرا من المقالات التقنية والعلمية. توفي منذ 3 أشهر وهو لم يتجاوز الثلاثة والثلاثين سنة من العمر بعد. في هذا المقال نستعرض إنجازاته الملهمة للشباب بصفة عامة والشباب الجزائري بصفة خاصة.

مدونة المجلة التقنية

تميز يوغرطة بتفوقه الدراسي وتخرج من المدرسة الوطنية العليا للإعلام الآلي في الجزائر العاصمة كمهندس برمجيات. أنشأ مدونة شخصية وأطلق عليها اسم “المجلة التقنية” ينشر فيها كل ما يتعلق بالتقنيات الحديثة وكيفية الاستفادة منها. ألف أول كتاب في الإعلام الآلي بعنوان “لارافيل تاستينغ101”. ولأن يوغرطة كان محبا للغة العربية وحفظ القرآن الكريم وهو في سن الرابعة عشر، عمل على نشر العديد من الملخصات باللغة العربية لكتب إنجليزية في مختلف المجالات، حيث كان يقوم بقراءة كتب بالإنجليزية وبعد إنهائه يكتب عنها ملخصا باللغة العربية ليستفيد منه القراء والشباب.

إبتكار وسيلة للدفع الإلكتروني

يعتبر يوغرطة من الأوائل الذين ابتكروا وسيلة للدفع الإلكتروني عبر الهاتف في الجزائر عبر تطبيق Walletix حيث فاز بالمرتبة الأولى في المسابقة التي نظمتها سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بمعهد سيدي عبد الله في الجزائر العاصمة.

سافر إلى أمريكا واستفاد من دورة تدريبية لتحسين وتطوير الإبتكار، أين تلقى العديد من العروض لتطبيق فكرته هناك لكن جوابه كان دائما “أريد تقديم الإبتكار في وطني الجزائر وتطوير هذا المجال في بلدي”.  وأنشأ شركة مصغرة لتحقيق ذلك.

شارك في تطوير المحتوى باللغة العربية لمتصفح البحث موزيلا فاير فوكس، حيث يعد عضوا مهما من بين أعضاء هذه الشركة العملاقة. وشارك في العديد من البرامج كمتطوع وسافر في إطار ذلك إلى العديد من البلدان لتطوير وتحسين ما تقدمه هذه الشركة. ومازال اسمه يظهر في تذكار موزيلا بسان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأمريكية.

حقق إنجازات ملهمة

كان يوغرطة من بين المهندسين الذين يؤيدون open source في مجال البرمجيات، كان ضد كل ما يقوم به فايسبوك لجمع المعلومات الخاصة بمستعمليه، ليس لديه حساب لديهم وكان ينصح كل من حوله بذلك. كان يملك موقعه الخاص حيث كان يشارك محتوى تقني باللغة الإنجليزية (الموقع معطل حاليا).  وكذلك موقعه industrie-algerie.com معطل كذلك ومدونته الخاصة بالإرشادات والتوجيهات التقنية.

فاز موقعه it-scoop في 2012 بلقب أفضل موقع بالجزائر، بعدها أصبح عضوا في لجنة تحكيم “مسابقة أفضل موقع في الجزائر AWA“. أنشأ العديد من البرامج في حسابه على التويتر. ودون بعض المقالات التقنية في أيامه الأخيرة في الموقع المعروف للمجال التقني المسمى Laravel news و في موقع dev كذلك.

كان يوغرطة الذي ترك إنجازات ملهمة يحب مشاركة كل ما تعلمه مع كل من يحب التعلم. لا يبخل أبدا في تقديم نصائح، ويخصص وقتا للمساعدة دائما، رغم إنشغالاته. عرف بتواضعه وحب الناس له سواء في مدينة عين وسارة أين كان يقيم أو خارجها من قبل الذيني يتابعونه عبر مواقع التواصل الإجتماعي أو اللذين تعاملوا معه في نشاطاته العديدة عبر مختلف دول العالم. توفي يوغرطة في أفريل 2020 بعد معاناة مع مرض السرطان.

  • المفكر علي الكنز

توفي الكاتب وعالم علم الاجتماع الجزائري الأستاذ علي الكنز بمدينة نانت بغرب فرنسا نهار الأمس فاتح نوفمبر 2020 عن عمر ناهز 74 سنة.

وهو من مواليد 1946 بمدينة سكيكدة بالشرق الجزائري، التي فقدت في 12 نوفمبر 2016 عالما آخر، وهو مالك شبل.

درس الفلسفة وتخصص في علم الاجتماع

درس علي الكنز الفلسفة في جامعة الجزائر ونال منها شهادة الليسانس في بداية السبعينيات. اتجه بعدها نحو التخصص في علم الاجتماع الذي وضع لبناته الأولى بيير بورديو الذي أسس الجمعية الجزائرية للبحوث الديموغرافية والاقتصادية الاجتماعية. وإيميل سيكار الذي كان أول رئيس قسم علم الاجتماع بالجامعة.

غير أن علي الكنز كان آنذاك متأثرا أكثر بابن خلدون وفرانز فانون ومصطفى الأشرف والعالم المصري سمير أمين الذي نشر معه مجموعة من الدراسات فيما بعد.

درس اللغة العربية في القاهرة

وبعد صدور قانون تعريب العلوم الإجتماعية، سافر إلى القاهرة لتحسين مستواه في اللغة العربية في جامعة الأزهر. عاد إلى الجزائر ليدرّس علم الاجتماع في جامعته. وينشر كتبا وبحوثا في قضايا التنمية والتصنيع والتغيير الاجتماعي والأزمة الاقتصادية. كما عمل مديرا لمركز البحوث في الاقتصاد التطبيقي والتنمية التابع للجامعة.

ساهم في تأسيس الجمعية العربية ل علم الاجتماع

كان علي الكنز عالما وكذلك مثقفا يعبر عن آرائه حول تحولات المجتمع الجزائري في الصحافة بخاصة جريدة الأحداث ثم جريدة الوطن فيما بعد. وساهم أيضا في تأسيس الجمعية العربية لعلم الاجتماع، والتي تضم نخبة من العلماء الاجتماعيين العرب.

دراسات حول التحولات الاقتصادية والاجتماعية

في عام 1993، غادر الجزائر إلى تونس التي استقر بها سنتين تعاون خلالها مع مركز الدراسات المغاربية. ثم سافر إلى فرنسا والتحق بجامعة نانت حيث وجد كل شروط العمل والإبداع فألف مجموعة من الكتب. ونشر العديد من الدراسات والبحوث حول التحولات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات العربية والتي ترجمت بعضها إلى اللغتين العربية والإنجليزية.

عرفت الأستاذ علي الكنز من خلال سلسلة الأنيس التي كان يشرف عليها بين 1989 و1993. وهي مجموعة من كتب الجيب هدفها وضع العلم في متناول الجميع.

وكانت تضم أشهر المؤلفات في التراث العربي والإسلامي القديم (الجاحظ، الفارابي، ابن خلدون، ابن طفيل، ابن المقفع، ابن بطوطة…). والفكر العربي الحديث (رفاعة الطهطاوي، محمد عبده، الكواكبي، شكيب أرسلان، علي عبد الرازق، سلامة موسى…). والفكر الإنساني (ميكيافيلي، سبينوزا، روسو، لوبون، فرويد، دوركايم، همنغواي…).

كنا نحن الطلبة نقتني هذه السلسلة التي وصلت إلى مائة عنوان بثمن معقول، وفتحت لنا آفاقا في عالم الفكر والأدب.
كما عرفته من خلال سلسلة الصاد التي نشر فيها مجموعة من الكتب في القضايا المعاصرة باللغتين العربية والفرنسية. وأذكر الآن “إغتيال العقل” لبرهان غليون، و”سيد قطب الخطاب والأديولوجية” لمحمد حافظ دياب، “الثورة الجزائرية سنوات المخاض” لمحمد حربي، “الصدفة والتاريخ حوارات مع بلعيد عبد السلام” لعلي الكنز ومحفوظ بنون…الخ.

عمل ثقافي غزير في الجزائر

ولم يسبقه في الجزائر -في حدود علمي- إلى هذا العمل الثقافي الجبار إلا الكاتب جيلالي خلاص الذي أسس سلسلة المكتبة الشعبية، ونشر فيها كتيبات للباحثين والأدباء الجزائريين والأجانب بسعر رمزي.

رحم الله الأستاذ علي الكنز وكل الذين خدموا الثقافة الجزائرية والفكر العربي والاسلامي والآداب الإنسانية بإخلاص، ونشروا المعرفة بين الناس بكل أمانة وصدق.

  • الباحثة زبيدة زايدي

توفيت الباحثة الجزائرية والمتخصصة في علم الأوبئة، زبيدة زايدي، 17 ألف استشهاد في علم الأوبئة من خلال منشوراتها العلمية في أشهر وأكبر النشريات العلمية في العالم. وأصبحت زبيدة مصدرا للأبحاث من خلال ما حققته من استشهاد في علم الأوبئة عبر 70 منشورا لها. ووصل عدد مرات الاقتباس من مقالاتها العلمية أكثر من 70 ألف مرة.

17 ألف استشهاد في علم الأوبئة

الباحثة التي تعمل في مجال الأوبئة منذ سنة 1998، تشغل منصب بروفيسور في جامعة سطيف. ساهمت في وضع سجل سرطان مدينة سطيف سنة 2004، رفقة البروفيسور خيرة بوالصوف. وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذا الأداء لا يزال بعيدًا عن متناول العديد من الباحثين الذين لديهم أكثر من 200 منشور، ولم يتمكنوا من تحقيق هذا الرقم من الاستشهاد والاقتباس من منشوراتهم.

حصلت على جائزة طومسون روترز

حازت الأستاذة زبيدة زايدي على جائزة طومسون روترز، كمختصة في الأمراض المعدية وكذا أمراض القلب والشرايين والسرطان. حيث شاركت الباحثة في العديد من المشاريع العلمية العالمية. بما في ذلك منشور حول حالات السرطان في خمس قارات. وكذلك في مشاريع مكافحة السرطان العالمية السرطان.

شاركت زبيدة في دراسة “كونكورد” الثانية والثالثة التي نشرت في لانسيت 2015 و 2018. تنشط الباحثة في العديد من المنظمات العلمية حول العالم. على غرار الجمعية الدولية لعلم الأوبئة (IEA) ، والجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان (AACR) ، وكذلك الجمعية الدولية لأبحاث سرطان الرئة.

شاركت في دراسات علمية عالمية

البروفيسور زوبيدة زايدي عضو في العديد من الدراسات العلمية العالمية، بما في ذلك “الآثار الصحية لزيادة الوزن والسمنة في 195 دولة على مدى 25 عامًا” سنة 2017. ودراسة أخرى حول “سرطان الكبد والمسببات الأساسية من 1990 إلى 2015” والتي نشرت أيضا سنة 2017. بالإضافة إلى دراسة أجريت سنة 2018 حول “معدل الوفيات العالمية من الأسلحة النارية”.

شاركت أيضا في نفس السنة، في دراسة حول “أمراض القلب والأوعية الدموية في الولايات المتحدة”. ودراسات أخرى متنوعة حول “مخاطر السكتة الدماغية”، “تطور وأنماط التمويل الصحي العالمي”.  و”المساعدة الإنمائية للصحة والإنفاق الصحي الحكومي”. و”سرطان الأطفال والمراهقين” وغيرها.

وكانت الأستاذة والباحثة زايدي زوبيدة، قد تلقت تكريما من رئيس الجامعة، اعترافا بمجهوداتها العلمية والنجاحات التي حققتها. وذلك نظير أبحاثها العلمية ومنشوراتها في المجلات العلمية. والتي جعلتها تسجل اسمها واسم جامعة سطيف في المجلات العالمية.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى