من رسام جزائري قروي إلى فنان عالمي

لم يكن تاريخ 14 يناير 2015، تاريخًا عاديًا في حياة الفنان الجزائري عصام الرسام، لأنه  في هذا اليوم بالذات  أكمل 38 سنة، وفيه أيضًا اكتشف موهبته النادرة في الرسم بالقلم الجاف، لتبدأ رحلته مع الفن في سن متأخرة، ويتحول في ظرف سنتين فقط من شاب بسيط ولد وكبر في قرية صغيرة في مدينة بسكرة بالجنوب الجزائري إلى فنان عالمي، بعدما تمكن في شهر مارس 2016، من الحصول على المرتبة الرابعة في المسابقة العالمية للرسم “Ballpoint Pen Contest” بإسبانيا، في حين عادت المراتب الثلاث الأولى لرسام إسباني، وإيطالي وصيني،   ليكون بذلك الشاب الجزائري العربي والأفريقي الوحيد المشارك في المسابقة.

كسر  العزلة وحلق عاليا

فتحت المسابقة أمام الفنان عصام الرسام وهو يشارف على عقده الأربعين، أفاقًا جديدة، بجذب انتباه المهتمين بالرسم من مختلف البلدان، فتلقى عروضًا لإقامة معارض في عواصم أوروبية منها روما، وباريس وبروكسل. ومع بداية عام 2017، قرر الدخول في مغامرة جديدة، فجاءت مشاركته في الفيلم القصير “طائر بلا وطن”، الذي تمثل فيه إحدى اللوحات التي  رسمها عصام، موضوعًا رئيسيًا للقصة التي تتناول حياة رسام مغترب يحن لطفولته في وطنه الذي يعاني من الحرب.

وحقق الفنان مرة أخرى عبر هذا الفيلم الذي صور بالجزائر، وسوريا والإمارات، وترشح  للمشاركة بمهرجان “كان” بفرنسا، حلمه في الشهرة وكسر حدود العزلة التي فرضت عليه في القرية الصحراوية التي عاش بها.

فنان عصامي

لم يضيع الرسام الكثير من الوقت، وركز على تطوير موهبته، فهو فنان عصامي يؤمن بقدرته على الإبداع في أي عمر كان، ويعرف كيف يتخطى الحدود والعراقيل التي يمكن أن تقف في وجه إيصال رسالته الأولى والأسمى، والمتمثلة في “التعريف بالشخصيات العربية والجزائرية المهمشة عن طريق لوحات فنية”، فاستغل مواقع التواصل الإجتماعي، لجذب آلاف المتابعين للوحاته عبر صفحة خاصة على الفيسبوك وتويتر.

الصبر سر النجاح

لم يكن نجاح عصام صدفة، تطلب وصوله لهذه المرحلة من الإبداع الكثير من الصبر، كون الرسم بالقلم الجاف يستغرق ساعات طويلة،  حيث تطلب رسمه للوحة طفلة في شهر يناير الماضي 120 ساعة كاملة، والصبر أيضًا على متاعب الحياة. يقول الفنان لموقع “كلافو”: “بالنسبة لشاب مثلي يعيش في قرية صغيرة لا تعترف بالفنانين كان من الصعب أن أنجح، عندما كنت صغيرًا، كنت أرسم بالرماد في زوايا معزولة تحت النخيل خوفًا من الأهل لأنهم حذروني من الرسم وطلبوا مني التركيز على دراستي، ثم ابتعدت كليًا عن الرسم، إلى غاية 2015، عندما قمت صدفة برسم صورة والدي واكتشفت يومها براعتي في الرسم”.

يكفي أن تكون موهوبا

قرر عصام التمسك بموهبته وتطويرها والانتقال من الرسم بقلم الرصاص إلى الرسم بالقلم الجاف، ليوجه رسالة قوية للذين يعلقون فشلهم عن غياب الأدوات والمواد،قائلًا: “بقلم جاف لا يتجاوز سعره بضع دنانير يمكنك رسم لوحة تنافس أشهر اللوحات، يكفي أن تمتلك الموهبة والصبر”.  وبدأ بعدها بنشر لوحاته عبر صفحته في الفيسبوك، ليفاجئ أصدقاءه الذين تفاعلوا مع الشخصيات التي يرسمها، في حين اتهمه آخرون باستخدام برامج الكترونية مثل الفوتوشوب في رسوماته.

وليثبت موهبته لمتابعيه، لجأ الفنان إلى تسجيل مقاطع فيديو تظهره أثناء الرسم، ليتم نشرها مع اللوحة في شكلها النهائي. في النهاية تمكن عصام وهو في الأربعين من العمر من فرض موهبته وصناعة اسم لفنان مبدع، تخطى بأعماله حدود قريته ووطنه ويتطلع لآفاق أبعد.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى