محمد بودية مناضل جزائري في القضية الفلسطينية إغتالته إسرائيل

محمد بودية، مناضل جزائري في القضية الفلسطينية إغتالته إسرائيل يوم 28 جوان، من سنة 1973، عندما تعرضت سيارته إلى عملية تفجير من طرف الموساد الإسرائيلي أودت بحياته.

الشهيد محمد بودية شخصية ثورية استثنائية. مناضل جزائري في القضية الفلسطينية. استطاع أن يجمع بين القلم والسلاح، بين الكتابة الملتزمة المدافعة عن قضايا الوطن والقضايا الإنسانية العادلة، والنضال الميداني.

من ثورة التحرير إلى فلسطين

انضم إلى ثورة التحرير منذ انطلاق شرارتها الأولى، ثم تبنّى بعد استقلال الجزائر الدفاع عن القضية الفلسطينية موقفا ونضالا.

هكذا انضم إلى صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واضعاً خبرته النضالية المكتسبة في كفاحه أثناء الثورة الجزائرية في خدمة القضية الفلسطينية.

وسرعان ما شارك وخطط لعمليات فدائية ناجحة ضد الصهاينة وأعوانهم في أوروبا. وكان بالتالي المطلوب الأول للتصفية من طرف المخابرات الإسرائيلية.

مناضل وفنان موهوب

كان إلى جانب ذلك شاعرا ورجل مسرح، وصاحب مشاريع إعلامية، بداية الاستقلال، من ذلك مبادرته بتأسيس عدة صحف ومجلات ثقافية وتاريخية، من بينها جريدة “الجزائر هذا المساء (Alger ce soir) بوصفها أوّل جريدة يومية جزائرية، ناطقة باللغة الفرنسية، تصدر مساء كل يوم.

وكذلك مجلة “نوفمبر” الشهرية، التي كان يكتب فيها: مالك حداد، جمال عمراني، آسيا جبار، مراد بوربون، بشير حاج علي وغيرهم من أشهر الكتاب.

كتاب يتحدث عن مسيرته

في سنة 2017 صدر في فرنسا، كتاب مهم عن الشهيد محمد بودية يحمل عنوان: “كتابات سياسية، مسرح، شعر وقصص قصيرة”. يسلط الضوء على جوانب مشرقة من نضاله في ثورة التحرير ومع القضية الفلسطينية.

ويتضمن بعض نصوصه المسرحية، ومجموعة من الأشعار والقصص النادرة والتي لم يسبق نشرها، كان قد كتبها الراحل خلال الفترة الممتدة من سنة 1962 إلى غاية 1973 تاريخ استشهاده.

زخم ثقافي وسياسي

للأسف هذا الرجل، بهذا الزخم الثقافي والسياسي والنضالي، لم يحظ في بلاده بالاهتمام الذي يستحقه. وتمر ذكرى اغتياله مرور الكرام.

كان يستحق بفضل مساره الثوري والثقافي الحافل بالانجازات العظيمة، أن تنجز حوله الكثير من الأفلام الوثائقية والسينمائية والكتب والروايات، وأن تسمّى باسمه مرافق عمومية، وأن تترجم جميع أعماله إلى اللغة العربية.

علاقته بناس الغيوان

كانت للشهيد محمد بودية علاقة صداقة قوية مع فرقة ناس الغيوان. وكانت الفرقة المغربية الشهيرة، تحترمه وتستشيره وتأخذ بنصائحه.

وحسب الباحث المغربي بدر المقري: “كانت لمحمد بودية مساهمة فعالة في تشييد أركان الأبعاد الفلسطينية في كياني العربي باطما ورفيقه الفنان بوجمعة أحكور (المعروف فنيا ببوجميع)”.

يعتبر الثنائي بوجميع والعربي باطما، عنصرين أساسيين في فرقة ناس الغيوان، والمؤسسين الحقيقيين لها، تأثرا بشكل عميق بنضال وثقافة محمد بودية في نظرته للفن والحياة.

وانعكس تأثيرهما بعد ذلك على الأغاني الملتزمة لفرقة ناس الغيوان، باعتراف أعضائها. “لقد أحبّنا محمد بودية، أنا وبوجميع بشكل جنوني، وخصوصا عندما كنا نغني له أغانينا الثورية” يكتب الفنان الراحل العربي باطما في الجزء الأول من سيرته الذاتية “الرحيل”.

يضيف باطما: “في يوم، جاءنا محمد بودية، وأمرنا بالدخول إلى المغرب، لأن الشرطة الفرنسية بدأت تشك في علاقتنا معه، معتقدة بأننا ننتمي إلى منظمة بودية (أيلول الأسود)، والتي كنا بالفعل على وشك الانضمام إليها… وبعد رجوعنا إلى المغرب، أنا وبوجمعة، ألقي القبض على فتاتين من المغرب، غيثة برادلي وأختها نادية برادلي، كلفهما محمد بودية بتنفيذ عملية فدائية في تل أبيب، كنا نحن من سيقوم بها… رجعنا إلى المغرب هاربين. لا مال لنا ولا أمتعة، اللهم بعض الفرنكات التي أعطاها إيانا المرحوم محمد بودية، الذي قال لنا وهو يعانقنا مودعا: ثورة حتى النصر… لا تنسوا فلسطين”.

أثر على أغاني الفرقة

عندما زار أعضاء فرقة ناس الغيوان محمد بودية في فرنسا وتوطدت العلاقة بينهم، لم تكن الفرقة تحمل اسمها الشهير. هناك من الباحثين من يعتقد أن بودية هو الذي أقترح عليهم تسمية الفرقة باسم ناس الغيوان.

الأمر ليس مؤكدا، ولكن المؤكد أن تأثير محمد بودية على فرقة ناس الغيوان، ظهر جليا من خلال أغانيهم الثورية، في فضح الظلم والاستبداد، والانتصار للعدالة والحرية، والوعي بقضايا التحرر العادلة في العالم خاصة القضية الفلسطينية.

وهو ما يؤكده الباحث المغربي بدر المقري: “محمد بودية هو المُضمَر في الحضور المميز لفلسطين في أزجال العربي باطما، بل إن وضع عنوان (فلسطينيات) سنة 1973 على أسطوانات مجموعة ناس الغيوان، كان إشارة وفاء فلسطينية للمناضل محمد بودية رحمه الله”.

المصدر: عمير بوداود

إقرأ أيضا: ماذا قال ألبير كامو في كتابه المقصلة عن الشهيد أحمد زبانة

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى