كاثلين..أميركية سحرتها الجزائر

كاثلين وولريتش، أمريكية تقطن بمدينة فلوريدا، زارت الجزائر 7 مرات ووقعت تحت تأثير سحرها، لدرجة عندما ضرب إعصار إرما الولايات المتحدة الأمريكية في منتصف سبتمبر 2017، هربت كاثلين مع والدتها إلى فندق بعيدا عن الإعصار وهي تحمل ثلاث حقائب بها ثلاثة فساتين وعلب أدوية صغيرة، وباقي الأغراض ما جمعته كاثلين عن الجزائر طيلة 17 سنة.

علاقة 17 سنة

بدأت علاقة هذا المرأة الأمريكية مع الجزائر سنة 2006، عندما زارتها لأول مرة، قبل أن تتوطد علاقتها بها لدرجة أنها فضلت حمل ذكرياتها عن الجزائر في أصعب الظروف بدل حمل أغراض أخرى قد تحتاجها لاحقا. تقول كاثلين أن والدتها لامتها كثيرا لعدم إحضارها مزيدا من الأغراض قصد استعمالها في مثل هذه الظروف الصعبة، وكذلك الأصدقاء والناس الذين رأوا ما كانت تحمل معها إلى الفندق، ولكن: “بإمكاني شراء فستان أو سيارة لكنني لن أستطيع تعويض وثيقة تعود إلى القرن الـ16”.

تملك وثائق نادرة عن الجزائر

إشترت كاثلين مخطوطات ووثائق وجرائد حول تاريخ الجزائر عبر الإنترنت، بقيمة أكثر من  20 ألف دولار من المقتنيات حول الجزائر. تتنوع هذه المقتنيات بين الخرائط القديمة والمخطوطات الأصلية ونسخ من صحف كتبت باللغتين الفرنسية والإنكليزية حول أحداث عرفتها الجزائر منذ أكثر من أربعة قرون.

تتحدث كاثلين عن تاريخ الجزائر بتفاصيل دقيقة، بل تتحدى الباحثين خصوصا منهم الأميركيين الذين يصفون أنفسهم بالمختصين في الجزائر، بأنها تملك معلومات لا يمكنهم الوصول إليها. “أعرف الأشياء الكثيرة عن محطات من تاريخ الجزائر لا يمكن إيجادها في الإنترنت ولا في الكتب لأنها ببساطة موجودة فقط في وثائق أصلية أرّخت لها، وأنا أحوز العديد من هذه الوثائق”.

درست كاثلين التاريخ في الجامعة، وترى أنها تقوم بعمل توثيقي مهم حول الجزائر. يهدف إلى حفظ كل ما استطاعت الوصول إليه من وثائق وتخزينها رقميا لتمكين الجميع بما في ذلك الجزائريين من الوصول إليها والتعرف على تفاصيل من تاريخ بلادهم كانت غائبة عنهم.

اكتشفت الجزائر بالصدفة

لم تكن كاثلين تهتم بالجزائر قبل سنة 2001 لكن كل شيء تير بعد ذلك، ففي نفس السنة ذهبت إلى فرنسا لتقفي آثار والدها الذي شارك في إنزال النورماندي الشهير. وفي المطعم المقابل للفندق الذي كانت تقيم به التقت كاثلين مجموعة من الجزائريين لاحظت أنهم يتحدثون لغة غريبة عنها.

في الحي الذي يقع به المطعم كانت هناك محلات أخرى يلتقي فيها الجزائريون. تقول كاثلين “في هذه المحلات بدأت أسمع أنواعا جديدة من الموسيقى. كان إيدير أول مغن أعجبت بموسيقاه وأدائه رغم أنني لم أكن أفهم الكلمات”. من الفنان إيدير إلى مطربين آخرين من أمثال الحاج محمد العنقى إلى الريميتي وقروابي واعمر الزاهي وغيرهم. “أستطيع القول إن الموسيقى الجزائرية هي أول من جلبني إلى الاهتمام بهذا البلد”.

لم تكن كاثلين تعرف الكثير عن الجزائر، ما عدا المعلومات العامة التي كان يرددها والدها حولها مما كان يسمعه حينما كان في فرنسا. ومنذ سفرها إلى باريس، بدأت كاثلين تشتري كتبا حول تاريخ الجزائر وثقافتها وأنواعها الموسيقية، ولم يتوقف بحثها إلى غاية الآن.

الجزائريون انفعاليون لكن طيبون

استمر البحث خمس سنوات قبل أن تقوم بأول زيارة إلى الجزائر. وكانت جدة كاثلين تحبها كثيرا لدرجة أنها قبل وفاتها تركت وصية لوالدتها لتمنح بعضا من مالها لكاثلين لتتصرف فيه كيفما تشاء. “كانت الأموال كافية لتغطية رحلتي إلى الجزائر وهو ما فعلته تماما”. المرات السبع التي زارت فيها كاثلين الجزائر لم تجد أنها كافية لاكتشاف هذا البلد. تقول إنها في كل زيارة تجد شيئا جديدا. “في الجزائر وجدت عقلية لم أجدها في كل الدول التي زرتها. أهلها انفعاليون بعض الشيء لكن بداخلهم طيبة لا تصدق”.

شعرت كاثلين أنها مرت بمراحل صعبة، حيث لم يكن لديها عمل مستقر أو حياة عائلية طبيعية. “منذ أن بدأت أعرف الجزائر تغيرت حياتي تماما. بدأت أحس أنني جزائرية مثل أي إنسان غير جزائري سحرته هذه البلاد”.وتذكر في هذا السياق عددا من مشاهير الفن والأدب الذين عاشوا في الجزائر واعتبروا أنفسهم من أبنائها، مثل فرانز فانون أو الكاتبة السويسرية إيزابيل إيبرهارت وغيرهما.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

المصدر
alhurra
زر الذهاب إلى الأعلى