قصة نجاح باحث جزائري في التكنولوجيات الثورية

هشام حمودي، باحث جزائري درس في باتنة ثم أكمل تعليمه وحصل على الدكتوراه في فرنسا. عاش قصة نجاح ملهمة، حيث استطاع أن يجمع بين الفيزياء، البيولوجيا الجزيئية والالكترونيك.

انتقل بين فرنسا، الأرجنتين، ايطاليا وعمل في ألمانيا واليابان قبل أن يستقر في قطر أين يشغل حاليا منصب مدير أبحاث التكنولوجيات الثورية في معهد قطر لبحوث الطاقة.

في هذا الحوار مع سوبرنوفا يتحدث الباحث عن مشواره الدراسي، التحديات التي واجهته والتحولات التي سيشهدها المستقبل في ظل الثورة الصناعية الرابعة. يقدم نصائح وتوجيهات للطلاب الذين تحفزهم قصة نجاح شخص آخر ويتطلعون للتميز في مجال البحث العلمي.

سوبرنوفا: في البداية نود التعرف أكثر على بداياتك وتفاصيل مشوارك العلمي.

ولدت في مدينة عين جاسر من فرحات حمودي وعطية وناسة المنحدرين من جبال الشلعلع بواد الماء باتنة. كانت مدرسة العلم الأولى هي مدرسة الوالد رحمة الله عليه. كونه شغوف بالعلوم والقراءة استطاع أن يغرس في حب الكتب والفضول. كان دوما يدفعني للتعمق في التكنولوجيات المختلفة منذ نعومة أظافري خاصة في مجال الاتصالات كونه قابض بريد ومواصلات المدينة. كان أول جهاز إلكتروني صنعته هو جهاز راديو عند سن الحادي عشر.

تحصلت على شهادة البكالوريا من متقنة مروانة اختصاص علوم دقيقة. بعدها دبلوم دراسات عليا في الكيمياء الفيزيائية من جامعة باتنة. بعدها شهادة ماستر في الكيمياء الكونتية من جامعة باريس. وأخيرا شهادة الدكتوراه بتقدير امتياز سنة 2009 من جامعة أورساي فرنسا في الكيمياء.

انتقلت إلى ألمانيا كباحث علمي في جامعة هايدلبرغ لمدة 3 سنوات. بعدها شغلت منصب باحث حر في المعهد الوطني للمواد في اليابان لمدة أربع سنوات. أخيرا قررت الاستقرار في قطر أين أشغل منصب مدير أبحاث التكنولوجيات الثورية في معهد قطر لبحوث الطاقة.

2. كيف كان مشوارك العلمي في الجزائر وخارجها من حيث التحديات التي واجهتك والمحفزات التي وجدتها؟

مرحلة التحصيل العلمي الجامعي كانت صعبة لأنها تزامنت مع العشرية الصعبة في التسعينات. ‏كانت الجامعة آنذاك تتخبط في اضرابات طويلة المدى كل سنة مما أثر على التحصيل العلمي للطلبة. وهو ما جعلني عصامي التعلم بمعنى كنت أستعين بقراءة الكتب والتحصيل الذاتي للعلم. ولكن هذا لا يعني أن الجامعة لم تساهم بتحصيل العلمي بل كل الشكر والتقدير لبعض الأساتذة الذين ساهموا بتسطير مستقبلي مثل الأستاذة كافية عولمي، الأستاذ بالفرحي وكذا الأستاذ فرحاتي.

‏بعد انتهائي من المرحلة الأولى للجامعة انتقلت إلى فرنسا بإمكانيتي الخاصة للدراسة هناك كانت أياما صعبة جدا. لأنني كنت أعمل في الليل وأدرس الماستر في النهار. وبتوفيق من الله كنت الأول في الدفعة مما سمح لي بالفوز بمنحة من وزارة التعليم الفرنسي لإنهاء رسالة الدكتوراه.

‏خلال مرحلة الدكتوراه كان لي الشرف والحظ أن اشتغل مع أكبر العلماء في ميدان الفيزياء التطبيقية في جامعة أورسي في باريس أين قمت فيها ببناء أول جهاز لي في مجال التصادم الذري والجزيئي.

‏ما يجب الإشارة إليه في مرحلة الدكتوراه الدعم النفسي الذي تلقته من زملائي الباحثين. وكذا دعم مدير رسالة الدكتور البروفسور فلاديمير إسولوف الذي كان يقوم بتجارب معي خلال ساعات متأخرة جدا من الليل. لقد تعلمت مبدأ أساسي في هذه المرحلة ألا وهي من اللاشيء ممكن أن نقوم بالكثير من الأشياء المهم هي العزيمة والإرادة والعمل مستمر.

‏قبل السفر إلى فرنسا وضعت أهدافا أساسية وخارطة طريقة لمساري العلمي أولا: إتقان الفيزياء الكوانتية، ثانيا: إتقان فيزياء الأجهزة وقياسات، ثالثا: إتقان البيولوجيا الجزئية وأخيرا إتقان الإلكترونيك والتكنولوجيات المتناهية الصغر. وبفضل من الله وتوفيقه استطعت تحصيل كل هذه العلوم عن طريقة ترحالي من فرنسا إلى الأرجنتين إلى إيطاليا إلى ألمانيا إلى اليابان وأخيرا إلى قطر.

كانت أحسن تجربة هي تجربة اليابان أين تعلمت فيها استراتيجية البحث العلمي. وكذلك كيفية تطبيقها في المخابر والمعاهد العلمية من أجل دعم الاقتصاد القائم على المعرفة والعلوم الابتكار.

3. ما هي النصائح التي تقدمها للطلاب الجزائريين المهتمين بدراسة تخصصك وما هو سر التفوق فيه؟

نصيحة من باحث عاش قصة نجاح لكل الطلبة الذين يرغبون في التفوق العلمي هو العمل بصرامة وجدية (الحلم والهدف الذي لم يبكيك لن يرضيك). كما قيل العلم إن لم تعطه كلك لن يعطيك بعضه. سر التفوق في كل العلوم هو قراءة كل الكتب والمقالات والإلمام بكل صغيرة وكبيرة في المجال المراد التخصص فيه.

4. في ظل التغيرات التقنية التي يشهدها العالم ماهي التخصصات العلمية التقنية التي تنصح الطلاب بدراستها؟

نحن بصدد الدخول إلى الثورة الصناعية الرابعة أين يكون المبرمج هو المصنع. تعتمد الصناعة في المستقبل على مبرمجين ذو تحصيل علمي عالي. الإلمام بتكنولوجيا الحواسيب والبرمجيات مطلوب جدا في المستقبل. سوف ننتقل إلى الجيل الرابع من الحواسيب العالية الكفاءة القائمة على تقنية الفيزياء الكوانتية وفيها سوف تندلع حرب تشفير إلكترونية شرسة. العمليات الحسابية التي تتطلب ألاف السنين لحلها بالحواسيب الحالية يمكن حلها في بضع ثواني بالحواسيب الكوانتية.

سوف ننتقل إلى الجيل الثاني من الطب أين تختفي الصناعة الصيدلانية (الأدوية) ويخلفها الطب الإلكتروني أو البايوإلكترونيك. الشيء المخيف هو الاستغناء عن الطاقات القائمة على الثروات الطبيعية الملوثة والتي هي أساس اقتصادنا الوطني واستبدالها بطاقات رخيصة وغير ملوثة. كل هذا سوف يحدث ما بين 2025 و 2030.

5. انطلاقا من خبرتك في مجال البحث العلمي كيف يمكن تعزيز هذا المجال وربطه بقطاع الصناعة والاقتصاد في الجزائر؟

الانتقال من الاقتصاد المبني على الثروة الطبيعية والمحروقات إلى الاقتصاد المبني على المعرفة ‏بحاجة إلى الاستعانة باستراتيجية مهمة جدا في البحث العلمي التطبيقي ألا وهي إستراتيجية من الأعلى إلى الأسفل:

  • أولا: يجب على الدولة تحديد التحديات الكبرى التي تواجه البلد والمنطقة من أجل التطوير وتحويل الاقتصاد.
  • ‏ثانيا: دراسة الإمكانيات البشرية والتقنية: وفيه يطرح سؤال هل لدينا الإمكانيات البشرية والتقنية اللازمة لمواجهة التحديات والوصول إلى نتائج مشجعة في أقرب وقت. إن كانت الإجابة لا فكيف يمكن تحضير هذه الإمكانيات بأسرع وقت.
  • ثالثا: تحضير المناخات المناسبة لمواجهة التحديات.
  • رابعا: الاستعانة بالمسرعات للوصول إلى نتائج المطلوبة في أقرب وقت ممكن ‏لا يتعدى مدته ستة أشهر.
  • ‏خامسا: الاعتماد على خطط عمل قائمة على ترخيص براءات اختراع ونقل حرب التنافس الاقتصادي إلى عقر دار الخصوم الاقتصاديين.
  • سادسا: الاعتماد على مبدأ إذا كنت الأول في تطوير التقنية سوف تكون الأول من غير منازع في تسويقها.
  • سابعا: يجب أن نبدأ حيث انتهى الأخرين
  • ‏ثامنا: يجب إن نشجع الطلبة المتفوقين في مجالات التقنية على فتح شركات مصغرة لدعم النهضة الوطنية.

المصدر: سوبرنوفا

إقرأ أيضا: قصة نجاح الأستاذ الجزائري الذي غير نظام التعليم في أمريكا

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى