شباب يخيمون في الجبال وينقلون رسالة “الجزائر بلد آمن”

بقليل من النقود، ينظم شباب وطلاب جزائريون كل نهاية أسبوع خرجة سياحية في مدينة من المدن الجزائرية، أين يقضون أوقاتا مدهشة في مناطق ساحرة من البلاد.

يقوم هؤلاء الشباب الشغوفين بالتجول، ببرمجة خرجات سياحية كمجموعة شبابية ناشطة تهدف لاكتشاف جمال الجزائر، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

المشي لسافات طويلة

ومن بين المجموعات الشبابية الفيسبوكية التي انخرطت في هذا العمل نذكر مجموعة «TOP sorties touristiques DZ» والتي تضم أكثر من 55 ألف عضو، تأسست في 2016، وتلخص نشاطها في جملة واحدة تتحدث عنها: “تعالوا معنا، نكتشف دي زاد شيئا فشيئا”.

تقوم المجموعة ببرمجة هذه الرحلات بأسعار تنافسية، وحققت نجاحا لم يتمكن حتى المحترفين والمختصين في السفر من تحقيقه.  تعمل المجموعة الشبابية على تفعيل السياحة المحلية، حيث تنظم رحلات وخرجات في نهاية كل أسبوع إلى منطقة معينة، يمكن أن تكون الرحلة طويلة تصل إلى مدينة “مغنية” في ولاية تلمسان، أين اكتشف الشباب هذه المنطقة الساحرة.

تنظم أيضا خرجات من نوع آخر، فمن مغنية إلى ثلوج تيكجدة إلى أطلال “جميلة” بسطيف. ويوفر الشباب للمرافقين الراحة والفرص لاكتشاف الجزائر مع الأصدقاء والعائلة وبنقل مريح ومضمون وبأسعار معقولة تتراوح ما بين 1000 إلى 1800 دج.

الغوص والتخييم

هذا السحر الجنوني الذي ألهم مجموعات شبابية أخرى، مثل «Trekking.dz» التي ذهبت إلى أبعد من مجرد تنظيم خرجات سياحية تقلدية، أين تقوم بتنظيم خرجات للغوص تحت الماء، المشي لمسافات طويلة، وحتى  التخييم. ومن بين هذه الخرجات، تم تنظيم خرجة للمشي في ثلج الحضيرة الوطنية ثنية الحد في تيسمسيلت فقط بـ 1500 دج للشخص.

قامت مجموعة  «trekkers»  كما تسمى بالذهاب إلى المدية، أين اكتشف المشاركون  بحيرة الظاية ومنطقة “تيبحيرين” والتي تقع على بعد 5 كم شمال غرب مدينة المدية، على ارتفاع 1050م عن سطح البحر، وسط طبيعة جبلية، بغاباتها الكثيفة ومياهها العذبة. هذه الأقاليم التي كانت ممنوعة منذ فترة غير طويلة إلا أن عادت الحياة لها من جديد بفضل إرادة هؤلاء الشباب من عشاق الجزائر.

البحث عن الآثار في الكهوف

استطاع هؤلاء الشباب أن يجعلوا حلم التخييم “صنع في بلادي” حقيقة. على سبيل المثال، نادي Spéléo في الجزائر العاصمة تمكن من كشف وجه آخر للجزائر لأعضائه، ويجب أن نشير هنا إلى أن علم الآثار هو نشاط تحديد أو استكشاف أو دراسة أو تخطيط أو زيارة التجاويف تحت الأرض، الطبيعية أو البشرية المنشأ أو الاصطناعية. بفضل نادي Spéléo بالجزائر العاصمة، وصل الشباب إلى أماكن لم يتم استكشافها حتى الآن.

يجمع أعضاء النادي شغف اكتشاف الجزائر والتخييم، حيث قاموا بتنظيم تخييم في الجبال وزيارة الكهوف والممرات الوعرة، بالإضافة إلى مسيرة مشيء طويلة في جبل شيليا شهر ماي 2017. والذي يعتبر أعلى قمة في سلسلة جبال الأوراس، على حدود ولاية باتنة وولاية خنشلة ويصل ارتفاعه إلى 2328 متر فوق مستوى سطح البحر.

الجزائر بلد آمن للغاية الآن

جبل شيليا هو ثاني أعلى قمة جبلية في الجزائر بعد جبل طاهات في الهقار والأعلى المغطى بالثلوج بانتظام. وتمكن الشباب من الباحثين في مجال الآثار من قضاء الليلة في جبل شيليا بأمان. وخلقت هذه الخرجة التفاعل على الشبكات الاجتماعية والتي اعتبرت  بمثابة نجاح باهر للمنظمين، ورسالة قوية للعالم مفادها: “الجزائر بلد آمن للغاية الآن، حيث يمكن لمحبي الجبال الشباب الذهاب للمشي لمسافات طويلة وحتى التخييم بأمان”.

لا تنحصر هذه المغامرات في الخرجات السياحية والتخييم وإنما تتوسع لتشمل التضامن أيضا، التي تجمع بين السياحة والتضامن، وهي التجربة الفريدة لأربعة من عشاق السفر الشباب قاموا بها في ليلة رأس السنة 2018.

السياحة والتطوع

تهدف المجموعة الشبابية الملقبة بـ ”Sac à tour” ، إلى نوع آخر من السياحة والمتمثلة في اكتشاف تقاليد وعادات القرى، في كل مرة اكتشاف قرية للعيش وفقا لعاداتها وتشارك قيمها، مع المساهمة في مساعدة الناس في هذه القرية. ومن بين تلك القرى Aaidassen  في إغيل علي، في ولاية بجاية. سمحت هذه الرحلة “الملتزمة” للمشاركين بالمساهمة في الحركة الاقتصادية، الاجتماعية، البيئية والثقافية للقرية.

ساعدت الرحلة في خلق فرص عمل لشباب القرية عن طريق تعريفهم بتنظيم الحدث من حيث الموقع، تسيير العطلة، المساعدة السياحية، التنقل، الخ، وخاصة التحسيس بتعزيز الثراء الثقافي للقرية من خلال زيارة الأماكن الثقافية، رواة القصص، الموسيقيين والراقصين، وشرح الطقوس في مختلف نواحي الحياة، وما إلى ذلك.

جيل مغرم بالجزائر

رحلة تلخص روح هذا الجيل الجديد المغرم بالجزائر ورغبته في اكتشافها. ويقوم الشباب بهذا النشاط لتفعيل السياحة المحلية وليس لجني المال وتحقيق الربح، وانما مبادرات للمواطنين تعزز السياحة المحلية، باعتبارها الطريقة الوحيدة لتمكين الناس من إكتشاف جمال وثروة البلاد. لا تتعدى المساهمات المالية الصغيرة للمشاركين المبلغ اللازم لتغطية تكاليف الرحلة والتنظيم، مثل النقل والطعام، حيث لا تتجاوز عموما 3000 دينار لمدة يومين أو ثلاثة من النشاط المكثف.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

المصدر
Lexpressiondz.com
زر الذهاب إلى الأعلى