شباب وأطفال جزائريون يصنعون الروبوتات

انخرط أطفال وشباب الجزائر في عالم بناء الروبوتات، ولا يستبعد أن تصبح هواية الجيل الجديد من الأطفال وطلاب المدارس تصميم وبناء الروبوتات في مختلف أشكالها، وخلق ورشات خاصّة لممارسة شغفهم بالتكنولوجيا وهوسهم بالذكاء الصناعي.

تفاعل الجزائريون بقوة مع ابتكار الشاب الجزائري نبيل عمراني لروبوت في نهاية سنة 2017،  يقوم باستكشاف الغاز والماء، ويستطيع الروبوت الذي صممه نبيل الدخول إلى هذه الأنابيب والقيام بعمليات مسح وكشف حالتها، لأنه مزود بكميرا دقيقة ومجسمات تسمح بالتأكد من مدى سلامة هذه الأنابيب وتحديد الأضرار والأعطاب الموجودة بها.

من جهتها أحدثت الطالبة الجزائرية فوزية عجايلية تفاعلا كبيرا، بعد تصميمها لروبوت يحمل إسم “غردينيا”. وتمكنت فوزية  من تصميم الروبوت وهي طالبة تدرس ماستر بجامعة سوق أهراس تخصص ويب وذكاء صناعي، في فترة قياسية قدرت بـ4 أشهر في إطار تحضيرها لمذكرة التخرج.

يستطيع الروبوت الذي صممته فوزية الاستماع، التحدث، المشي وتجنب المعيقات كما يستطيع التعرف على الأشياء والأوان وتتبعها، ويقوم بتشغيل الموسيقى والرقص. صنعت الشابة الطموحة هذا الروبوت في بيتها وبإمكانيتها البسيطة.

منافسة قوية

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يهتم فيها الشباب بعالم الروبوت، حيث احتضنت مدينة المدية في الفترة الممتدة من 15 إلى 17 أفريل سنة 2016، مسابقة للابتكار التكنولوجي تتمحور حول موضوع “الروبوت”. شارك بالمسابقة 84 شابا جزائريا قدموا من مختلف مناطق الوطن، وقدموا ابتكاراتهم، أمام المختصين وعلى رأسهم الباحث يوسف تومي المختص في صناعة الروبوتات في  مركز البحث العالمي للتكنولوجيا Massachussetts بالولايات المتحدة الأمريكية.

وتمكن 12 مشروعا من الفوز في نهاية المسابقة التي نظمتها جمعية “أقواس” في جامعة يحي فارس بالمدية. ومن بين المشاريع التي أثارت ولفتت الانتباه “روبوتات” تستخدم في التصميم، الغرافيك والرسم الصناعي، بالإضافة إلى مشاريع روبوتات تقوم بتسيير المنشئات الفلاحية والزراعية عن طريق رسائل نصية بسيطة. طور أين هؤلاء الشباب روبوت يقوم بتحديد العراقيل الذي يمكن استخدامه في السيارات من أجل تجنب الصدامات كما يمكن استخدامه لمساعدة المكفوفين.

فرق جزائرية في مسابقات عالمية

أظهرت المشاركة الأخيرة لفريق جزائري في مسابقة “فيرست” العالمية للروبوت بالولايات المتحدة الأميركية، هوس الأطفال والشباب الجزائريين بهذا العالم، حيث تابع مئات الآلاف منهم المسابقة التي جرت في واشنطن خلال الفترة الممتدة من 16 إلى 18 جويلية 2017 لتشجيع الفريق وتفاعلوا معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تحوّل أعضاء الفريق المشارك إلى نجوم للمهوسين بالتكنولوجيا، وهو يضمّ طالبين يدرسان في السنة الأولى جامعي، وطالبين في مرحلة الثانوية، بالإضافة إلى أربعة طلاب بالثانوية ساهموا في عمل الفريق ولم يتمكّنوا من السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية. وكان اختيار الفريق للمشاركة في المسابقة العالمية قد تم في إطار منافسة قوية شهدت مشاركة أكثر من 200 طالب جزائري في مرحلة الثانوية.

واستطاع الفريق جذب اهتمام طلاب الثانويات والجامعات، لدى مشاركته يوم 21 جويلية 2017، في الصالون الدولي للدراسة والملتقيات في الخارج بالجزائر العاصمة. وجاء حضور الأعضاء المبدعين لمشاركة الشباب المهتمين خبراتهم في مجال بناء وتصميم الروبوتات وتشجيعهم على الانخراط في هذا العالم الذي يستقطب بشكل متزايد الأطفال والطلّاب على حدّ سواء.

تكوين خاص للأطفال والشباب

وفي الإطار نفسه، يتلقّى عدد كبير من الأطفال الجزائريين الذين تتراوح أعمارهم بين 6 سنوات و14 سنة، والطلاب الذين لا تتجاوز أعمارهم 19 سنة، دورات تدريبية في مجال الروبوت، حيث أطلق المركز الجزائري “ستيم” برنامج العطلة الصيفية لتكوين طلاب المرحلة “الابتدائية والمتوسّطة والثانوية” وتدريبهم على تصميم الروبوت من خلال القيام بعدة أنشطة يوميًا لمدّة أسبوعين. ويعمل المتدرّبون تحت إشراف معلمين ومهندسين مختصّين يقومون بتوجيههم طوال اليوم وتأطيرهم للقيام بالأنشطة التي تستند إلى علوم الكمبيوتر، الروبوتات، الإلكترونيات والرياضيات، وكيفية دمجها.

ويشهد اهتمام الأطفال والشباب الجزائريين بالتكنولوجيا والروبوت تطورًا ملحوظًا، في ظلّ منافسة قويّة بين فرق صغيرة تكون في الغالب بين 4 و10 أعضاء، يعملون على خلق وتطوير روبوتات قادرة على أداء مهام بسيطة، مثل تحريك الأشياء أو رفعها.

المستقبل للذكاء الإصطناعي

اهتمام جيل الأطفال والطلاب اليوم ببناء “الروبوتات”، يعزّز الدراسات التي تتحدّث عن شكل الحياة في المستقبل في ظلّ تطور “الذكاء الإصطناعي”، فبعدما صرحت المديرة التنفيذية لشركة التأمينات البريطانية “آكسا” السيدة “أماندا بلانك” لصحيفة الدايلي تليغراف قبل شهرين من الآن بأن مواليد سنة 2017 قد لا يحتاجون مطلقّا لتعلم السياقة، لأنه مع التطوّر التكنولوجي السريع قد تكون السيارات ذاتية القيادة منتشرة في الطرقات البريطانية بحلول سنة 2032، ومن المتوقّع أن يصبح بناء الروبوتات مع حلول السنة نفسها هواية يمارسها الأطفال والشباب في ورشاتهم الخاصّة، إذ يخلقون في كل مرة روبوتات لمساعدتهم في حل مشاكلهم والقيام بمختلف الوظائف التي يقومون بها اليوم بأنفسهم.

وكانت دراسة أجراها مركز علمي في كاليفورنيا ونشرت في مارس 2017، تشير إلى أن التحوّل نحو الذكاء الرقمي سيغير سوق العمل، وأن 85 في المئة من الوظائف التي ستكون موجودة في سنة 2030  لم تظهر بعد، على أن يتمّ تكليف الروبوتات بالوظائف الحالية، ففي سنة 2016 أوكلت سويسرا للروبوتات وظيفة لإيصال البريد والطرود، في حين أخذت مكان النادل في المطاعم الصينية، وفي الفنادق ظهرت روبوتات الاستقبال، مثل “شيهيرا كاناي”، في برلين التي تتكلّم 19 لغة.

توظيف الروبوتات

في اليابان يتكون طاقم عمل فندق “هين نا في ساسيبو” من الآلات والروبوتات، بينما في بلجيكا، وظف فندق “الماريوت” منذ سنة 2015 روبوتًا اسمه “ماريو” يستقبل ضيوف الفندق ويتكلّم 19 لغة أيضًا. وفي مؤتمر الذكاء الاصطناعي الذي عقد في شهر جويلية 2017 بمدينة جنيف، أدهشت الروبوت “صوفيا” الحضور، التي يخيل لمن يقابلها للوهلة الأولى أنها بشر حقيقي، ويتمّ تطوير أمثالها لمرافقة المسنين، ومساعدة الأطفال المتوحّدين.

وإذا اقتنعنا حقاً بأن الروبوتات ستقوم في المستقبل بالوظائف التي يقوم بها البشر اليوم وإذا اقتنعنا أيضًا بأن وظيفة الجيل الجديد لن تنحصر في تطوير الروبوتات، فإن السؤال الذي يثير فضولنا سيكون عن نوع الوظائف التي سيقوم بها الإنسان مستقبلًا؟

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

المصدر
jeel
زر الذهاب إلى الأعلى