أخر الأخبار

شابة جزائرية أدخلها لقاؤها الملهم بولي عهد بريطانيا إلى عالم ريادة الأعمال

إيمان هني منصور، شابة جزائرية من البليدة، تبلغ من العمر 29 سنة، كرمها ولي العهد البريطاني الأمير تشالرز في بريطانيا. وقال لها أنه يتوقع منها نجاحا مبهرا، فحفزها لدخول عالم ريادة الأعمال وتأسيس وكالة رقمية.

درست ايمان، الإعلام الآلي وتخصصت فيه كمجال مهني قبل دخول عالم ريادة الأعمال. في سنة 2012، أسست نادي «المجتمع العلمي للكمبيوتر»، بالجامعة. وهي المبادرة التي أرادت من خلالها إدماج الطلبة بشكل أكبر في النشاط العلمي وتحفيزهم. بعدها بسنة انضمت إلى منظمة «فندر فاملي»، وهي منظمة جزائرية ذات بعد دولي. تعمل من خلالها على تكريس تصدير الأفكار الجزائرية كمنتج آخر بديل للبترول، وتقول ايمان عن تجربتها: “استحدثنا في إطار نشاطاتها حدثا علميا وتكنولوجيا هاما هو “ويب دايز” أو «أيام الويب»، لإدماج طلبة الجامعات في عالم المقاولاتية. وبالأخص المؤسسات التكنولوجية الناشئة. ومن هنا تحديدا اكتشفت المفهوم الواسع والصحيح للمقاولاتية و« الستارت أب»، وتشكلت لدي صورة أشمل عن الموضوع. تعلمت كيف أستحدث مؤسسة وكيف أبحث عن ممولين وأدير الأعمال وأتواصل مع المجموعة، أي أنني كنت أمارس المقاولاتية دون أن أشعر”.

توجيه الطالبات لدراسة التكنولوجيا

في 2015، التحقت ايمان بالمنظمة العربية للمرأة في الاعلام الآلي، وهي جمعية ذات طابع دولي، لتشجيع النساء على ولوج عالم التكنلوجيا. وباشرت في إطار نشاطها معها العمل على برمجة ورشات تكوين لتلميذات المتوسطات والثانويات في البليدة، للتعريف بالمجالات المهنية للمعلوماتية والتكنولوجيا. وتحفيزهن على اختيار هذا التخصص كتوجه مستقبلي، عبر تبسيط المفاهيم وتلقينهن طرق إنشاء مواقع الكترونية في يومين.

منحة للدراسة في بريطانيا

خلال نفس السنة، حصلت ايمان على رخصة، لتنظيم فعاليات عملية لصالح وكالة الفضاء «ناسا»، هنا في الجزائر، كما واصلت النشاط في مجال التكوين إلى غاية تاريخ إنشائها لمؤسستها الخاصة سنة 2018. وتقول ايمان عن هذا: “فتحت لي المؤسسة الباب للمشاركة في «تيك وومن» وتظاهرات أخرى دولية، كما استفدت بفضلها من منحة للدراسة في بريطانيا حظيت على هامشها بتكريم وتشجيع ولي العهد الأمير تشارلز”. وهنا كسبت ايمان خبرة أكبر في عالم ريادة الأعمال.

مشاركة إيمان هني منصور في برنامج التبادل "تيك وومن" بالولايات المتحدة الأمريكية
مشاركة إيمان هني منصور في برنامج التبادل “تيك وومن” بالولايات المتحدة الأمريكية

وتقول عن لقائها بولي العهد وتكريمها من قبله: “جاء ذلك تبعا لمنحة دراسية حصلت عليها بوصفي واحدة من الرواد الشباب المبدعين في ثلاثين دولة عبر العالم. وقد تم اختياري بناء على كثرة نشاطاتي ومساري التطوعي هنا في الجزائر. أتذكر يومها أن الأمير تشارلز قال لي «بأنه يرى في شخصي مشروع أول وزيرة مستقبلية شابة».
بعد عودتي إلى الجزائر مباشرة، أطلقت مبادرة «شباب ترست» أو الثقة في الشباب، بهدف تنظيم ورشات عمل للشباب لتشجيعهم على الاستثمار. وهو ما رشحني للالتحاق ببرنامج تكوين آخر في السويد دائما في إطار مشاريع صناعة القادة «ليدر شيب»، كما شاركت في برنامج مماثل في مصر، أين دهشت فعلا لمستوى تقدم الدول الإفريقية في مجال التكنولوجيا. والمؤسسات الناشئة”.

وكالة رقمية لمرافقة الشركات

وعن المؤسسة التي تحمل اسم «أينو كوم»، تقول ايمان، أنها تأسست قبل سنتين فقط. وهي عبارة عن وكالة رقمية لمرافقة الشركات في المجال المعلوماتي، من خلال تقديم خدمات متعددة تخص رقمنة العمل لرفع رقم الأعمال بالاستعانة بالإعلام الآلي. وتصرح: “فكرة المشروع كانت تراودني دائما لكنني كنت متخوفة من خوض المغامرة باكرا والفشل، لذلك أردت أن أحظى بالتكوين اللازم لكن بعد عودتي من إنجلترا ولقائي المشجع والملهم بالأمير تشالرز. الذي قال لي بأنه يتوقع مني الكثير. وجدتني مستعدة لخوض المجال المهني. حينها التقيت بزميل دراسة قديم دعمني هو أيضا ووقف إلى جانبي وهكذا أسسنا مشروعا مشتركا لإنتاج التكنولوجيا «مواقع الكترونية وأنظمة معلوماتية وتطبيقات والهويات البصرية للشركات ومساعدتها على تسويق عبر المنصات التفاعلية وغير ذلك”.

في نهاية 2018، تم اختيار شركتها، من بين 100 مؤسسة ناشئة واعدة وهكذا تلقيت دعوة للمشاركة في برنامج «تيك وومن» بسيلكون فالي أمريكا. وقد اختارت التدريب في شركة « غودادي» بحكم تقاطع نشاط شركتها مع ما ينتجه هذا العملاق العالمي. ومنحها هذا التدريب الفرصة للتألق في عالم ريادة الأعمال. وتقول: “ما شدني خلال هذه التجربة هو استقلال الأمريكيين اقتصاديا عن الدولة وعدم اتكاليتهم على دعمها. هم أفراد مبادرون وحتى خلال المشاكل التي تواجهها شركاتهم يبحثون عن حلول خاصة دون انتظار تدخل الحكومة، عكسنا تماما في الجزائر”.

وعن تجربتها مع وكالة « ناسا» تقول ايمان أن الأمر يتعلق الأمر بتحديات علمية تتماشى مواضيعها مع الراهن. تطرحها ناسا، ويشارك مهندسون، علماء، باحثون ومختصون كل في مجاله في إيجاد حلول لها خلال 48 ساعة، بالاستعانة بقاعدة بيانات ومعطيات الوكالة. وهكذا يتم اختيار ثلاثة فائزين لإنجاز نماذج أولية لمشاريع في ذات الإطار، بعدها يطور النموذج خلال شهر إلى منتج نهائي. وتضيف: “بالنسبة لي فقد حصلت على رخصة لتنظيم تحديات الوكالة في الجزائر سنة 2015، ولا أزال أنشط في هذا المجال بالتنسيق مع وكالة الفضاء الجزائرية”.

تجربة إيمان هني منصور مع وكالة « ناسا»
تجربة إيمان هني منصور مع وكالة « ناسا»

لماذا تخاف النساء من المقاولاتية؟

وعن محدودية المقاولاتية النسوية في الجزائر، ترى ايمان، رغم أنه في جامعاتنا يشكل العنصر النسوي نسبة معتبرة من طلبة التخصصات التقنية، وذلك ربما ينسحب على جميع التخصصات ويرتبط أساسا بنسب النجاح في البكالوريا، ورغم أن عدد طالبات الإعلام الآلي في الجزائر يفوق عددهن في أمريكا، وهذا واقع عاينته شخصيا، فإن الفتيات يفضلن التوجه نحو قطاعات أخرى بعد التخرج، في مقدمتها التعليم. وتوضح: “هذا راجع لعدة عوامل نفسية واجتماعية وقفنا عليها خلال عملنا في المنظمة العربية للمرأة في الإعلام الآلي. النساء يعتقدن مثلا أن الرجال أفضل في مجال التكنولوجيا وأكثر تفوقا. وهناك أيضا نظرة المجتمع لهذا التخصص الذي يعتبر رجوليا. غالبية العائلات ترفض السماح للفتيات بالعمل فيه لأنه يتطلب التزاما دائما وتواجدا غير مشروط في الميدان ولو كان ذلك ليلا”.

بالإضافة إلى ذلك فإن التكنولوجيا علم يتطلب تكوينا متواصلا وهو أمر يرتبط بتوفر الوقت، وهنا يحظى الرجل بأولوية في مجتمعنا على حساب المرأة، إذ يسمح له بقضاء ساعات أطول أمام الكمبيوتر والهاتف، في حين يعاب على النساء ذلك، حسب ايمان.

وتقول ايمان أن غالبية المشاريع النسوية المصغرة تتعلق بنشاطات بسيطة « حلويات خياطة وغيرها»، بمعنى أن النساء يفضلن مجال الخدمات على القطاع الصناعي، لأنهن يتخوفن من ولوج عالم صعب يستدعي المخاطرة ويتطلب استثمارا كبيرا. وتوضح: “هذا ما خلصت إليه دراسات أجريناها كمنظمة عربية للنساء في مجال الإعلام الآلي قبل مدة. بينت بأن المقاولاتية النسوية في الجزائر ضعيفة من حيث المردودية المالية والتأثير الاقتصادي. على الشباب اللجوء للمسرعات الاقتصادية بدلا من الحاضنات”.

الذكاء الجماعي للنجاح

ترى ايمان بأن نجاح المؤسسات الناشئة في الجزائر يتطلب «الذكاء الجماعي» لأننا نملك كفاءات فردية كبيرة لا تقل شأنا عن ما هو موجود في الخارج، لكن النجاح في هذا العالم مرهون بالذكاء الاجتماعي القادر على انتاج أفكار قابلة للتطبيق، كما أننا نفتقر أيضا لثقافة دعم المشاريع ناهيك عن محدودية الاستثمار المشترك في تطوير المؤسسات الناشئة الناجحة.

وتعتقد بأن الحاضنات الاقتصادية لا تزال غير ناجعة في رأيها، لأن من يشرفون على التكوين يجب أن يكونوا مهندسين ناشطين ميدانيا بمعنى يجب الانتقال من النظري إلى التطبيق لطرح المشاكل الواقعية ومناقشة حلولها من منظور تقني عملي. وتعلق: “أعتقد أننا يجب أن نستفيد من خبرة هؤلاء المهندسين في مجال التعليم بعيدا عن التصنيفات الأكاديمية التي تخضع لها عملية التوظيف”.

ويبقى نجاح سوق التكنولوجيا في الجزائر، بالنسبة لايمان، مرهونا بالانتقال من مرحلة الاعتماد على الحاضنات إلى المسرعات. وهي آلية دعم و توجيه أسرع يمكنها أن تطور الأفكار إلى مشاريع استثمارية في فترة لا تزيد عن تسعة أشهر، فيما تستهلك الحاضنات حوالي سنتين كاملتين ولذلك تنصح الشباب بالتوجه نحو المسرعات.

المصدر: النصر

روابط:

 

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى