تعرف على أعرق فن استعراضي في الجزائر

تنتشر اليوم الفنون الاستعراضية في مختلف الدول وتقام لها المهرجانات والعروض في أشهر وأكبر الأماكن السياحية بل أصبحت في بعض المناطق علامة مميزة لشعوب وأمم مثل عروض الغجريين في أوروبا، ولكن ماذا تعرف عن فنون الغناء الجماعي الاستعراضي الجزائري، إنه “أحيدوس” أعرق الفنون في الجزائر.

أحيدوس فن جماعي

ظهر هذا الفن الغنائي في منطقة الأطلس الصحراوي، يتم إستعراضه في شكل دائري قوامه النساء والرجال على حد سواء، وفي شكله النصف دائري تعبيرا عن الأفراح والاحتفالات الجماعية  التي يحييها أهل المنطقة الجبلية والزراعية.

ويقدم “أحيدوس” عادة بالرقصات والتعابير الجسدية الجماعية وينتشر في المناطق التي يسكنها الأمازيغ وغيرهم أيضا. يستخدم العارضون البندير كآلة وحيدة في الإيقاع وترافقه أصوات النساء والرجال الذين يشكلون دائرة متماسكة قوامها الأكتاف تارة والأيدي تارة أخرى.

حركات جسدية وأشعار

يتميز “أحيدوس” بالطابع الجمالي الذي تعكسه الحركات الجسدية والأشعار المغناة التي تختلف من منطقة إلى أخرى حسب ثقافة أهل القرية. تقدم العروض في شكل دائري أو على شكل صفين متقابلين، تقوم الفرق في هذه العروض بهز خفيف للكتفين، بحيث لا تكاد تدرك حركات أقدام الراقصين.

تبدأ الحلقة صغيرة تتسع بتوافد الراقصين الذين ينظمون إلى المجموعة من بين المتفرجين ولا تكتمل هذه اللوحة إلا بالشعر الغنائي، أين يقوم شخص أو شخصان ممن يحفظون أو يقولون الشعر، بإلقاء أبيات شعرية غنائية.

يتكوّن الشعر عادة من بيتين، يرددها المغنون تختلف مضامينهما حسب المناسبات، وتكون لغتهما بليغة، حافلة بالرموز والصور التي تميّز أي شعر عن الكلام العادي، ويكون ترديد البيتين بعد الإنشاد الفردي أو الثنائي موزعا بين صفي الراقصين .

طريقة للتعبير

جاء الفن الاستعراضي كطريقة للتعبير بالحركات والإشارات والأقوال، قصد تفريغ الضغط اليومي والترفيه عن الذات، ولأن طبيعة المجتمع هي الحنين للسلام والحرية والخروج من القهر الاجتماعي، ابتكرت الشعوب طرقا جذابة في التعبير، لذلك نجد كل مجتمع من مجتمعات المعمورة يزخر بكثير من الدلالات الإبداعية والفنية التي تدخل في إطار الشعر الشعبي والرقصات الشعبية.

وأصبح الرقص كجنس فني وكنوع متميز بخصائصه الجوهرية والشكلية من المعالم والمؤشرات التي يمكن أن يقوم عليها تصنيف ثقافة أو مجموعة بشرية، وتمكن من التعرف على انتمائها الجغرافي، اللغوي والثقافي.

وتعكس مشاهدة عروض “أحيدوس” ثقافة جزائرية أمازيغية تشكل فيه الرقصة في حد ذاتها واجهة ظاهرية للثقافة المحلية التي تنتمي إليها وترتبط الرقصات الجماعية المعروفة عادة بالرقصات “الشعبية” بمجموعة من العناصر المتنوعة المستمدة من الأدب والثقافة الشفويين، بالغناء، الشعر، المــــــوسيقى، الحركات، الطقوس والعادات وغير ذلك مما يصدر عن الذاكرة الجماعية والتي تدخل في عداد الممارسات الجماعية العريقة في القدم.

كل أنواع الاحتفالات

ترتبط العروض الراقصة بالاحتفالات إما عائليا مثل الزفاف، أو دينيا مثل  المولد النبوي، أو وطنيا أو اجتماعيا بالأنشطة الفلاحية والقروية الفصلية لتعبر عن الفرح والتضامن المشترك.

ويبقى فن أحيدوس برقصاته وغنائه فنا جزائريا أصيلا وعريقا قال فيه روني باصي: “ليس ثمة لدى برابرة المغرب من ترفيه يلقى أوج التفوق وأشمله وأهمه غير الرقصات الغنائية أو السهرات الغنائية، وهي وإن كانت لها بعض الاختلافات من منطقة إلى أخرى، تبقى ميزتها الجوهرية في تماثلها وتوحدها”.

الكاتب: محمد قصراوي

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

المصدر
سوبرنوفا
زر الذهاب إلى الأعلى