طفلة طردوها من المدرسة فأصبحت أشهر مذيعة بالتلفزيون

“توتوتشن” طفلة لم تتمكن من استيعاب قوانين المدرسة الإبتدائية والتقيد بها، فتتعرض للطرد، تسجلها والدتها في مدرسة خاصة، مقرها عبارة عن مجموعة من عربات القطار التي تعطلت. تكتشف الطفلة في مدرسة “توموي” نظاما تعليميا خارقا لا يشبه ما عرفته من قبل، ويحولها من طفلة غير منضبطة تحلم أن تصبح جاسوسة عندما تكبر أو تعمل في شباك التذاكر إلى طفلة مهذبة، تحب العلم وتراعي مشاعر الآخرين. 

هذه الطفلة هي نفسها المؤلفة اليابانية تيتسوكو كوروياناغي، التي ولدت في طوكيو وتخرجت من قسم الصوتيات بجامعه طوكيو للموسيقى، وانتخبت كأحسن ممثلة بالإذاعة والتلفزيون لخمس سنوات متتالية، وعملت على برنامج اسمه “مضيفة تيتسوكو” ونالت عليه أكبر جائزة للإذاعة التلفزيونية. تم تعيينها أيضا مديرة الصندوق العالمي لإنقاذ حياة الحيوان البري، وسفيرة سلام اليونسيف عام 1984.

تروي الكاتبة في رواية “توتوتشن” ذكرياتها والأحداث الحقيقية التي عاشتها في مدرسة “توموي” مع شخصيات حقيقية هم زملاؤها الذين درسوا معها، وذلك استجابة للوعد الذي قطعته لمدير ومؤسس المدرسة  “كوباياشي” أن تصبح معلمة في هذه المدرسة، لم تستطع تحقيقه، بسبب احتراق مدرسة “توموي” عام 1945 في إحدى الغارات الأميركية على طوكيو، ولم يتمكن كوباياشي من افتتاحها مرة أخرى.

الرواية تشبه قصة طويلة للأطفال مليئة بالأحداث المشوقة والاكتشافات، منذ اللحظة الأولى التي تلتحق فيها الطفلة بالمدرسة، أين كان امتحان القبول في المدرسة : “الآن تكلمي في أي شيء تريدين”، لم تتوقع الطفلة أن يطلب منها المدير التحدث بينما يأمرها الجميع بالصمت، لذا تحدثت توتوتشن لمدة أكثر من أربع ساعات والمدير يستمع. في المدرسة لم تجد “توتوتشن” أقسام للتلاميذ، انما ست عربات قطار تمثل كل عربة قسما للتلاميذ يبلغ عددهم 60 تلميذا.

بالإضافة لذلك لا يوجد جدول حصص أو منهج ثابت، وإنما تترك الحرية للتلميذ لاختيار  عدة مواد، أين يبدأ التلميذ بالتعلم الذاتي ثم يترك مواد أخرى للمعلم وتؤجل المواد التي لا يحبها إلى نهاية اليوم. يستفيد التلميذ الذي أنهى دروس اليوم وقام بالمشاركة في نشاط مدرسي مثل التنظيف أو ترتيب الملفات من استراحات وأنشطة منوعة.

حققت الرواية شهرة كبيرة وأصبحت أكبر الكتب من حيث المبيعات في تاريخ اليابان، وصلت عام 1981 إلى أكثر من 8 ملايين نسخة، ووزعت في أكثر من ثلاثين بلدا. وأصبحت المدرسة التي أسسها توموي ساسوكي كوباياشي عام 1937 من ماله الخاص الذي جمعه من عمله في سلك التعليم ، من أشهر المدارس في اليابان. 

اعتمد كوباياشي فيها على طريقة جديدة في التعليم تتمثل في التركيز على الجانب الأخلاقي والإنساني للأطفال وتعليمهم القيم، ليس عن طريق التلقين بل بإدخالهم في خبرات إنسانية مباشرة وناتج هذه الخبرات هو بناء شخصية سوية قوية للأطفال ناتجة عن اقتناع بأغلب القيم. بالإضافة إلى منحهم حرية الاختيار وتنمية روح المبادرة والإعتماد على النفس.

وتعتبر الرواية التي تستند إلى أحداث وشخصيات حقيقية دليلا تربويا لنظام تعلمي مختلف، ظهرت فاعليته ونجاحه في الكاتبة نفسها “تيتسوكو كوروياناغي” التي كانت تلميذة في مدرسة “توموي” وأصبحت من أشهر الشخصيات في اليابان.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى