أخر الأخبار

هل يقرأ الشباب الجزائري بوعي؟

في أوقات فراغي غالبا ما أحمل هاتفي وأبدأ في تصفح مجموعات القراءة الجزائرية أملا في اِيجاد فكرة مبدعة يستمتع بها عقلي، أو كتاب جديد لم أسمع به من قبل يشدّني موضوعه و يُحثّني على البحث عنه، أو اِيجاد تحليل معمّق في شعور كاتب ما عند كتابته لروايته وهدفه الذي أراد إيصاله إلى القارئ، أو ربما كتب متميّزة في تخصّصات مختلفة فمثلا أنا تخصصي الإقتصاد وليست لدي أي فكرة عن الكتاب المتميز لذا الفيزيائيين الذي يجعلني أفهم ولو قليلا الفيزياء وبدوري أنشر أهمّ الكتب في مجال الإقتصاد والذي يجعل الطالب في تخصّص الهندسة مثلا يفهم ماهية الإقتصاد وهكذا نساعد ونستفيد من بعضنا البعض بدون أي صعوبات تُذكر؛ غير أنني لا أجد غير إقتباسات هنا وهناك وأحيانا تكون إقتسابات منسوبة لكاتب معروف مات وهو لا يعلم بوجودها أصلا.

مع الأسف أجد نفس الكتب تملأ المكان والتي عادة ما يضعها أصحاب المكتبات في واجهات مكتباتهم لإستقطاب الزبائن وهي نفسها التي أتت في مخيّلتكم الآن بدون ذكر إسمها حتى، أو الكتب التجارية التي نُشِرت خصّيصا لتحقيق ربح مادي لا غير وهي عادة ما تكون ملفتة للأنظار على الرغم من محتواها الفارغ تقريبا ستجد غلافها جذاب وجميل مع ورق راقي وطباعة غالية التكاليف بدون أن أنسى جمال عنوانه الذي يجعلك تنسى عنوان أفضل كتاب لديك. 

لا تشتري كتابا لأن غلافه جميل

أذكر حادثة مضحكة حدثت لي شخصيّا مع صديقة لي والتي بدورها بعيدة نوعا ما عن عالم الكتب وقد عبّرت لي عن رغبتها في شراء كتاب من هذا النوع (التجاري) وأنا إستغربت في بادئ الأمر أولا لأنها لا تهتم بشراء الكتب وثانيا إختيارها لذلك الكتاب تحديدا فلم أعرف هل اُسعد لأنها وأخيرا ستقرأ أم أشعر بالسوء على ذلك الإختيار غير أنني قبل أن أختار موقفي سألتها لماذا تريدين شراءه؟ وكان جوابها كافيا لجعلي أضحك وأبكي في نفس الوقت فقد أرادت شراؤه لغلاف لونه الجميل الأسود.

لا عيب في أن تشتري كتاب لجمال غلافه لكن أن تصرف مبلغا معتبرا قادرا على شراء العديد من الكتب الرائعة لمجرد إعجابك بلون غلاف كتاب ما فهذا بالتأكيد نوع من الجنون الذي جاء به إعصار هذه الموضة، وأحيانا اُخرى أجد كاتب مبتدئ يطلب نصائح أو توجيهات محددة لكتابة كتابه لتنهال عليه التعليقات بالسخرية أو بتحطيم المعنويات حتى يُخيَّل لك أن المعلق هو الفيلسوف الكبير المفكر العالم والأديب الذي لا تعرف اسمه فقط لكونه قرأ عشرة كتب وربما لا تتجاوز حصيلة قراءاته الثلاث روايات.

تعلم من الكتب التي تقرؤها

إنّ كل هذه المنشورات بتنوّعاتها وغرابتها أجدها وأنا أتجول في تلك المجموعات باحثة عن بصيص أمل يجعلني أنسحب منها بمعلومات تفيدني ولو قليلا غير أنه دائما أخرج منها بنفس الإستفزاز؛ إن الهدف عندما تقرأ ليس القراءة الأمر لم يكن هكذا يوما، لا يمكن أن تجعل القراءة عادة مثل عادة أكلك ونومك، وتقوم بها كل يوم فقط ل”فعل القراءة”. القراءة وبكل عظمتها إن أصبحت عادة تصبح بلا روح وبلا فائدة لأنك لن تقرأ لتتغيّر ولا لتستفيد ولا لكي تُغيِّر ما حولك بل تقرأ فقط لتقرأ وهذا الخطأ الشائع بين أغلب القرّاء وليس كلّهم.

إن قرأ الشخص الكتاب وأنهاه وفِكره مثلما بدأه فلا يعتبر بأنه قرأ الكتاب حتما، إن قرأ الشخص الكتاب ولم يصل إلى ما أراد الكاتب أن يوصله له فهو لم يتعمّق فيه، إن قرأ الشخص الكتاب وهمّه الأكبر الوصول إلى آخر صفحة والبدأ في آخر فهو لم يقرأ ما في يده بعد، إن قرأ الشخص الكتاب وقضى وقتا في تصويره أكثر من قرائته فأكاد اُجزم أن همّه الوحيد هو عدد الإعجابات في صفحته. صدّقني لا أحد يهتم لمعرفة عدد الكتب التي قرأتها لهذه السنة، أنا شخصيا لم أهتم يوما بتلك المنشورات، يمكنك أن تقرأ ١٠٠ كتاب لكن صاحب ال ١٠ كتب يكون أعلم وأفقه منك ويمكنه حتى مناقشة الكاتب عن محتواها لأنّه أعطى الكتاب حقّه كاملا عكس الذي يقرأ فقط ليزيد رصيده من الكتب وليس من المعارف وهذه تبقى مجرد أرقام تتلاشى مع أول نقاش. 

وهذا ما يسمّى باللاوعي، القراءة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، والتي لا تغيّر أي شيء فيك فكيف تُغيِّر واقعك وأنت لم تتغير بعد، كيف تتقدّم حياتنا ونحن لا زلنا واقفين في الخطوة الأولى “القراءة”، فإلى متى؟

تدوين: عجيلية نور الهدى حنان

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى