المقاربات الكمية والكيفية : مدخل عام للمقياس

يهدف مقياس المقاربات الكمية والكيفية الموجه لطلبة السنة الأولى ماستر لتمكين الطالب من معرفة مصادر البحوث. وكيف تتم عملية تصميمها وأدواتها لا سيما في مجال علوم الإعلام والاتصال. والتحكم في المقاربات الكمية والكيفية أثناء إعداد البحث العلمي من خلال التعرف على مفهومها، أهميتها، خصائصها، مناهجها، أدواتها والفروق الموجودة بينها بينها.

تمهيد:

يرى موريس أنجرس أنه على الباحث أن يراعي في اختيار موضوع بحثه مدى قدرته على الحصول على المعلومات التي يتطلبها بحثه. وتقدير مدى تعاون المبحوثين على إمداده بالبيانات الصحيحة والمناسبة. ويخضع هذا الأمر لعدة اعتبارات منها نوعية البحث أو موضوعه، نوعية المبحوثين، مواقع البحث، وقدرة الباحث على جمع المعلومات وعلى طبيعة البحث ذاته. ومدى توفر المعلومات والقدرة على الوصول إليها.

1.المصادر الأولية والثانوية للبحث:

إن اختيار موضوع البحث وقابليته للدراسة يتطلب الحديث عن المصادر التي يستقي منها الباحث مواضيع بحثه. ومن ثم الشروط والمواصفات التي يجب أن تتوفر في هذه المصادر. وقد اختلف الباحثون بشأن نوعية المصادر التي يمكن للباحث أن يستقي منها مواضيع بحثه. وقد يستمد الباحث أفكاره من عدة مصادر تشمل التجارب الفردية، الحدس، المواد المكتوبة، مثل الكتب، السير، الجرائد، أو المحادثات الشخصية، نتائج البحوث وغيرها. وعموما فإن الأفكار المؤدية إلى البحث البناء قد تأتي من أي مصدر. وعليه فليس على الباحث أن يقع في حيرة من أمره وهو يخطو أول خطوة في البحث في تحديد المصادر التي يمكن أن يستمد منها مشكلة بحثه. [1]

ويمكن تقسيم هذه المصادر إلى:

  1. الخبرات الفردية والعلمية وتجارب الباحث الشخصية، الطلب الخارجي ويقصد به العروض البحثية التي يمكن أن يتلقاها الباحث من هيئات معينة. المناقشات وتبادل الآراء.
  2. البحوث والدراسات السابقة، وذلك لكون البحث العلمي تراكمي، فهي تشكل مصدرا رئيسيا بالنسبة للباحثين. والتي تسمح لهم بتكوين خلفية نظرية عن الموضوع.

2. تصميم البحوث العلمية:

إن إعداد البحوث العلمية عملية شائكة وصعبة. تستدعي عنابة فائقة وبدل مجهودات كبيرة. وذلك حتى يتسنى انجاز عمل متكامل يلبي كل المتطلبات الأكاديمية. ولهذا يجب على الباحث أن يولي عناية خاصة لعملية تصميم البحث. من خلال خطة متسقة. وإذا كانت هذه العملية تستوجب استعدادات نفسية خاصة، فإنها تتطلب إجراءات منهجية وتهيئة مواتية للظروف الملائمة للبحث. وتأتي في صدارتها ضرورة التزام الباحث بجملة من الاعتبارات تساعده على إنجاز بحثه.  منها ما يتعلق بالجانب الشكلي ومنها ما يتعلق بجانب المضمون. [2]

إن تصميم البحوث العلمية يتطلب الالتزام بمبدأي الدقة والضبط في كل مرحلة من مراحله. مع وجود بعض التحويرات التي يمكن للباحث التصرف فيها. وعلى العموم فإن العناصر الأساسية للبحث تتمثل في المقدمة التي تشمل الإطار المفاهيمي للبحث. والموضوع الذي يتضمن تفاصيل البحث سواء كان بحث استكشافي، أو وصفي، أو اختباري. وأيا كان نوع البحث فإن الموضوع محل البحث يتطلب إتباع خطوات منهجية لا مفر منها. تتصدرها ملاحظة الظاهرة ثم وصفها وبناء المتطلبات الافتراضية البحثية. وذلك ليتسنى تحديد الأهداف بدقة بناء على منهجية مضبوطة تتناسب والموضوع المبحوث، تنقسم إلى أبواب وفصول ومباحث. [3]

1.2.نموذج تصميم البحوث:

الصعوبة الأساسية التي يمكن أن تواجه أي باحث مبتدئ، تكمن بالدرجة الأولى في كيفية الانطلاق في البحث بشكل صحيح. ومن ثم تحديد الإشكالية كإحدى أهم الحلقات في البحث. غير أن التركيز على إبراز أهمية الانطلاق في البحث انطلاقا صحيحا وضرورة تحديد الإشكالية تحديدا دقيقا، لا يعني أن العناصر أو الحلقات الأخرى في مسار البحث أقل شأنا. وتختلف هذه المراحل من بحث إلى آخر. غير أنه يمكن القول أنه غالبا ما يتم تصميم البحوث العلمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية وفقا لنموذج الذي وضعه كل من  Briongos, Hermandez, Mercade . ويتصور أن البحث يصمم على ثلاث مراحل متكاملة. والتي تتمثل في:

  • تحديد الإطار النظري: ويقصد به تحديد الإشكالية بشكل عام، في المرحلة الأولى.
  • تحديد الإطار التطبيقي: ويقصد به تحديد وسائل العمل في المرحلة الثانية.
  • الخاتمة:  والتي يختص بالنتائج كمرحلة ثالثة. ويتكون كل إطار من مجموعة عناصر لكل واحد منها دور خاص يصعب الاستغناء عنه. [4]

إن تصميم البحوث العلمية يجب أن يتسم بالتناسق والانسجام. ومن المعلوم أن هناك ارتباطا وثيقا بين مكونات البحث والإشكالية والفرضيات والمنهج المستخدم، والأدوات المستعملة. ولا يمكن اختيار تقنية البحث دون تحديد فرضيات الدراسة. [5]

من أجل تصميم البحث العلمي بشكل جيد، على الباحث أن يدرك ما الذي يبحث عنه، مثل قول باشلار، “إذا كنا لا ندري عن أي شيء نبحث، فإننا لن ندرك حقيقة ما نعثر عليه”. وهو الذي يبنى عليه فيما بعد الإشكالية.

2.2. الفرضيات في تصميم البحوث

إذا حاولنا التطرق إلى مسألة تصميم البحوث العلمية، سندرك منذ الوهلة الأولى المكانة التي تحتلها الفرضيات العلمية وأهميتها وعلاقتها بالإجراءات المنهجية. يبدأ البحث عادة باختيار الموضوع، الذي يكتسي أهمية بالغة لأنه يمثل مرحلة أساسية، هامة وحساسة. تؤثر على سائر المراحل اللاحقة. ولذا ينبغي أن يوليها الباحث عناية خاصة. ولا نكون مبالغين إذا قلنا أن من أهم مراحل تصميم البحوث المرحلة التمهيدية، مرحلة اختيار الموضوع الذي نجعل منه مشكلة بحثية. إن تحديد المشكلة مطلب علمي ضروري بدونه يبقى الباحث لا يدرك ماذا يريد أن يدرس بالضبط. ولكي يستطيع الباحث التقدم في بحثه، ينبغي عليه أن يعمل على تحديد الجوانب التي سيتناولها بالبحث وذلك بتحديد المحاور الرئيسية والفرعية والتي تتضمنها المشكلة التي يرغب في التركيز عليها تحديدا، أي تفتيت المشكلة إلى عناصرها الأولية. ذلك أن هذا التحديد ضروري وممهد لوضع الفرضيات المناسبة. [6]

ملاحظة: يتبع باقي عناصر مقياس المقاربات الكمية والكيفية.

المراجع:

[1] ميلود سفاري، البحث الاجتماعي ضوابط واحترازات، نشر في كتاب أسس المنهجية في العلوم الاجتماعية لفضيل دليو وعلي غربي،  مخبر علم اجتماع الاتصال للبحث والترجمة، قسنطينة، الجزائر، 2012، ص27.

[2]  علي غربي، خطة نموذجية للبحث الاجتماعي، نشر في كتاب أسس المنهجية في العلوم الاجتماعية لفضيل دليو وعلي غربي، مخبر علم اجتماع الاتصال للبحث والترجمة، قسنطينة، الجزائر، 2012، ص45

[3]  للاطلاع على المزيد في علي غربي، خطة نموذجية للبحث الاجتماعي، مرجع سابق، ص45 – 55.

[4]  ميلود سفاري، البحث الاجتماعي ضوابط واحترازات، مرجع سابق، ص10-13.

[5]ميلود سفاري، نفس المرجع، ص23.

[6]  يوسف عنصر، فرضيات البحث العلمي وعلاقتها ببعض الإجراءات المنهجية، نشر في كتاب أسس المنهجية في العلوم الاجتماعية لفضيل دليو وعلي غربي، مخبر علم اجتماع الاتصال للبحث والترجمة، قسنطينة، الجزائر، 2012، ص118-119

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى