لماذا يحاصرنا الخوف؟

يولد الانسان وفي قلبه شيء من الخوف، وهذا الخوف يرافقه طيل حياته، فأول ما يخيفه عند الولادة هو وصول الأوكسيجين بقوة إلى رئتيه الصغيرتين وكثرة الأضواء، وتستمر المخاوف عندما يكبر شيئا فشيئا. من الولادة إلى المنية يمر بمخاوف كثيرة تؤثر فيه ويورثها لغيره وتصبح جزء من حياته.

يتعلم الانسان وخاصة العربي وهو في صغره كل شيء جديد بالتخويف، بفعل محيطه الخارجي الذي يخوفه من كل شيء. يعلمونه أنه إذا حاول القيام بأي شيء يعارضه الكبار أو عدم النوم في الوقت المحدد سيأتيه الغول أو الشبح، هذا الغول الخرافي التي تتغير تسميته من منطقة لأخرى أصبح هاجس الأطفال. يخوفونه أيضا من الكهرباء، اللعب بالماء، النار، برودة الأرض ومن كل شيء قد يسبب الخطر له. بدل تعليمه ماهو الخطر يعلمونه الخوف منه ويخلقون له الضغط النفسي.

يكبر الطفل قليلا وتكبر معه مخاوفه ويبدأ في مواجهة العالم الخارجي. خارج المنزل يتعلم أنواعا أخرى من الخوف: خوف من الأشرار، خوف عقاب الوالدين، الخوف من الامتحانات، الخوف من الأستاذ، الخوف من السيارات، الخوف من السرقة… كل هذا الحجم من الخوف في الطفولة فقط؟ ماذا بعد؟

صار ذلك الطفل شابا مثقلا بالمخاوف داخل نفسه، وأكبر دليل قلبه الجاهز للخفقان بسرعة في أي لحظة. في فترة الشباب تتبدل المخاوف من سيء إلى أسوء، فيصبح الخوف من عدم النجاح مع الشريك الأخر، أو الفشل في الزواج، الخوف من بعض الحيوانات كفوبيا تكونت عنده من الصغر، الخوف من الأمراض المعدية، الخوف من السقوط من المرتفعات، الخوف من آداء الخدمة الوطنية، الخوف من عدم الحصول على الشهادة الجامعية وبعدها الخوف من عدم ضمان المستقبل والحصول على عمل أو بيت يأويه ثم الخوف من الموت أو فقدان أحد أفراد الاسرة.

ومازالت المخاوف لا تنتهي فهناك مخاوف من الجن والشيطان، من الحسد، من العين، من القتل الخطأ، من الشرطي أثناء القيادة، الخوف من دخول السجن لأتفه الأسباب حتى عند الكتابة في مواقع التواصل الإجتماعي، الخوف من… الخوف من… وتتواصل سلسلة المخاوف والضغوط …

لماذا نتعرض إلى كل هذا الضغط النفسي، صراحة حتى وأنا أكتب لكم الآن خائف من ردة فعلكم بعد قراءة المقال. لماذا نعيش داخل الخوف ونلبسه في كل يوم، نعيش معه ويخلق لنا هذا الضغط  رغم أننا ولدنا لنعيش مرة واحدة ونموت، فلماذا تحاصرنا كل هذه المخاوف؟

كل هذه المخاوف والضغوط النفسية التي كبرت معنا لا معنى لها وخارجة عن الفطرة السليمة، التي يفترض أن يكون فيها خوف واحد وهو من غضب الله الذي يدير كل أمورنا وباقي مخاوفنا.

الكاتب: عبد السلام براشد

المصدر
سوبرنوفا
زر الذهاب إلى الأعلى