أخر الأخبار

كيف ساهم أصدقاء أينشتاين في بروز عبقريته؟

يوضح ميشيل يانسن، ويورجن رين أن الزملاء المبتدئين والأقل شهرة قد ساعدا الفيزيائي الكبير في بلورة النظرية النسبية العامة . منذ قرن مضى، وتحديدًا في نوفمبر من عام 1915، نشر ألبرت أينشتاين النظرية النسبية العامة في أربع ورقات موجزة، وذلك أثناء مناقشات الأكاديمية البروسية للعلوم في برلين، وفي الغالب تُعرَض النظرية الإبداعية على أنها عمل شخص عبقري واحد، ولكن في حقيقة الأمر أنّ الفيزيائي أينشتاين تلقَّى قدرًا كبيرًا من المساعدة من الأصدقاء والزملاء، ولم يبرز معظمهم على الساحة قط، بل تم نسيانهم .

سنورد فيما يلي حكاية دور وجهات نظرهم في بلورة الصيغة النهائية للنظرية، حيث كان لصديقَي المرحلة الدراسية أهمية خاصة في حياة أينشتاين، وهما مارسيل جروسمان، وميشيل بيسو. كان جروسمان عالمًا موهوبًا في الرياضيات، وطالبًا منظمًا، إذ ساعد أينشتاين صاحب البصيرة والخيال الرفيع في اللحظات الحاسمة. وكان بيسو مهندسًا حالمًا، وغير منظم إلى حد ما، كما كان صديقًا ودودًا مدى الحياة لأينشتاين. هذا.. وقد كان لآخرين إسهاماتهم أيضًا.

أينشتاين يعتمد على مذكرات صديقه

التقى أينشتاين بكل من جروسمان، وبيسو في المدرسة السويسرية الاتحادية للفنون التطبيقية في زيورخ، وقد سُمي المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا لاحقًا وهو المعهد التقني الفيدرالي العالي حيث إنه في الفترة ما بين عامي 1896، و1900 كان يدرس ليصبح معلم مدرسة في الفيزياء والرياضيات. كما التقى أينشتاين أيضًا بزوجته المستقبلية ميليفا ماريك التي كانت زميلته على مقاعد الدراسة في معهد ETH وتقول الأسطورة إن أينشتاين كان يتغيب عن الفصل الدراسي في كثير من الأحيان، معتمِدًا على مذكرات جروسمان لاجتياز الامتحانات.

في عام 1902، ساعد والدُ جروسمان أينشتاين في تأمين وظيفة بمكتب تسجيل براءات الاختراع في برن، ثم انضم إليه بيسو بعد ذلك بعامين. وحازت المناقشات التي جرت بين بيسو وأينشتاين على الاعتراف والتقدير الوحيد الأبرز في أوراق أينشتاين الأكثر شهرة في عام 1905، وهي تلك التي تسرد النظرية النسبية الخاصة. وكذلك نشر الأوراق التي جعلت من عام 1905 عام المعجزات، ثم أكمل أينشتاين أطروحته في ذاك العام لنيل شهادة الدكتوراة في الفيزياء من جامعة زيورخ.

وفي عام 1907، بينما كان أينشتاين لا يزال يعمل في مكتب براءات الاختراع، بدأ في التفكير في توسيع نطاق مبدأ النسبية من الحركة المنتظمة إلى الحركة العشوائية، وذلك من خلال نظرية جديدة للجاذبية. وكتب أينشتاين لصديقه كونراد هابيشت ـ الذي تعرَّف عليه في مجموعة قراءة في برن، اتفق أعضاؤها الثلاثة مازحين على تسميتها الأكاديمية الأوليمبية ـ بأنه يأمل في أن تفسِّر هذه النظرية الجديدة التباين بين تنبؤات نيوتن، والملاحظات المستنتَجة من حركة الحضيض الشمسي لكوكب عطارد، التي تُعرف بأنها النقطة الأقرب إلى الشمس من مداره. ويقدَّر هذا التباين بنحو 43˝ (ثانية من القوس) في القرن الواحد.

“ساعدني وإلا سأجن”

بدأ أينشتاين العمل بشكل جدي على هذه النظرية الجديدة فور تركه لمكتب براءات الاختراع في عام 1909، ليوافق على منصب الأستاذ في جامعة زيورخ أولًا، وبعد عامين عمل أستاذًا في جامعة تشارلز في مدينة براج، حيث أدرك أنه يجب أن تُدمج الجاذبية مع منظومة الزمان والمكان، فعلى سبيل المثال.. الجسيم الذي لا يتعرض لأي قوة أخرى سيسير على المسار المستقيم الممكن من خلال المنحني الزماني المكاني.

وفي عام 1912، عاد أينشتاين إلى زيورخ، واجتمع شمله مع جروسمان في معهد ETH، ووحَّد الاثنان جهودهما؛ لتوليد نظرية متطورة كليًّا. وكانت نظرية «جاوس» للأسطح المنحنية إحدى النظريات الرياضية المنسجمة مع عملهما، حيث عرفها أينشتاين غالبًا من ملاحظات جروسمان. وكما نعلم من المحادثات المذكورة، فقد كتب أينشتاين لجروسمان: “يجب أن تساعدني في هذا، وإلا سأُجَنّ”.

أسفر تعاونهما المذكور في «مذكرة زيورخ» لأينشتاين عن ورقة مشتركة نُشرت في يونيو 1913 باسم (Entwurf)، وهي كلمة ألمانية تعني «الموجز». وتعتبر معادلات المجال هي التقدم الأساسي الذي تم تحقيقه ما بين نظرية «الموجز» في عام 1913، والنظرية النسبية العامة في نوفمبر من عام 1915، حيث تحدد كيف تسبِّب المادة انحناء الزمان والمكان. أما بالنسبة إلى معادلات المجال النهائية، فهي «التغاير العام»: وهي التي تحتفظ بشكلها، بغض النظر عن نظام الإحداثيات المُختار للتعبير عنها. وعلى النقيض من هذا.. فإن التغاير في معادلات المجال المذكورة في نظرية «الموجز» كان محدودًا للغاية.

أصدقاء أينشتاين في الجامعة، ميشيل بيسو من اليمين، ومارسيل جروسمان من اليسار، وفي المنتصف ألبرت أينشتاين. كانت لكليهما إسهامات مهمة في النظرية النسبية العامة.

النظريتان

في مايو من عام 1913، عندما وضع أينشتاين وجروسمان اللمسات الأخيرة على ورقة «الموجز»، طُلب من أينشتاين إلقاء محاضرة في الاجتماع السنوي لجمعية العلماء والأطباء الألمان الأصلاء، الذي يُعقد في شهر سبتمبر في فيينا. وتعكس تلك الدعوى التقدير الكبير الذي حاز عليه أينشتاين ذو الأربعة وثلاثين عامًا من بين أقرانه.

وفي يوليو 1913، قدَّم ماكس بلانك، وفالتر نيرنست ـ وهما من الفيزيائيان البارزان في برلين ـ إلى زيورخ، ليعرضا على أينشتاين وظيفة لأغراض غير تدريسية، وبأجر جيد في الأكاديمية البروسية للعلوم في برلين، فوافق أينشتاين سريعًا، والتحق بالوظيفة في مارس 1914. ولم تكن الجاذبية آنذاك مشكلة مُلِحَّة لبلانك ونيرنست، لأنهما كانا مهتمَّين في الأساس بما يمكن لأينشتاين أن ينجزه في فيزياء الكَمّ.

كما تم وضع العديد من النظريات الجديدة، حيث تم تمثيل الجاذبية فيها بمجال من المسطح الزماني والمكاني للنسبية الخاصة، مثل الكهرومغناطيسية. وقدَّم الفيزيائي الفنلندي الشاب جونار نوردستروم إحدى هذه النظريات الواعدة الرئيسة. وفي محاضرة فيينا، قارن أينشتاين بين نظرية «الموجز» الخاصة به مع نظرية نوردستروم. وقد عمل أينشتاين على النظريتين في الفترة ما بين مايو وأواخر أغسطس في عام 1913، عندما قدَّم نص محاضرته للنشر في مناقشات اجتماع فيينا لعام 1913.

وفي صيف عام 1913، زار نوردستروم أينشتاين في زيورخ، حيث أقنعه أينشتاين بأن مصدر مجال الجاذبية في نظريتيهما يجب أن يُبنى على أساس «القوة الموترة لدفع الطاقة» في النظرية النسبية الأولية، التي يعبِّر فيها عن كل من الكثافة، وتدفق الطاقة، وزخم الحركة بكميات منفصلة، بينما كانت في النظرية النسبية تُدمج في كمية واحدة مؤلفة من عشرة مكونات مختلفة.

ظهر مفهوم «القوة الموترة لدفع الطاقة» لأول مرة في الفترة ما بين عامي 1907، و1908، عندما أعاد هيرمان مينكوفسكي صياغة النظرية النسبية الخاصة، المتعلقة بنظرية الديناميكا الكهربائية لجيمس كلارك ماكسويل، وهندريك أنطون لورنتز. وسرعان ما أصبح واضحًا أنه يمكن استخدام مفهوم «القوة الموترة لدفع الطاقة» في النظم الفيزيائية، بشكل أكبر منه في المجالات الكهرومغناطيسية. وقد احتل مفهوم القوة الموترة مركز الصدارة في الميكانيكا النسبية الجديدة المذكورة في الكتاب الأول للنظرية النسبية الخاصة مبادئ النسبية  Das Relativitätsprinzip، الذي كتبه ماكس لاو في عام 1911. وفي عام 1912، تمكَّن الفيزيائي الشاب فريدريك كوتلر من فيينا من تعميم صيغة لاو، انطلاقًا من الشكل المسطح للزمان والمكان، وصولًا إلى الشكل المنحني، حيث اعتمد أينشتاين وجروسمان على هذا التعميم في صياغتهما لنظرية «الموجز». وأثناء محاضرته في فيينا، دعا أينشتاين كوتلر للوقوف؛ ليعرِّف الحاضرين بعمله

في ذاك الصيف عمل أينشتاين مع بيسو أيضًا، للتحقق مما إذا كان بإمكان نظرية «الموجز» أن تفسر قيمة التباين 43˝ ثانية المفقودة في القرن الواحد، في حركة الحضيض الشمسي لكوكب عطارد، أم لا. ومع الأسف، فقد وجدا أنها يمكن أن تفسر 18˝ ثانية فحسب. وقد نتج عن نظرية نوردستروم التي اختبرها بيسو في وقت لاحق وجود 7˝ ثوان في الاتجاه الخاطئ. وقد حُفظت هذه الحسابات في «مخطوطة أينشتاين-بيسو» لعام 1913.

أسهم بيسو ـ إلى حد كبير ـ في الحسابات، وأثار تساؤلات مهمة.. فقد تساءل ـ على سبيل المثال ـ عما إذا كان لمعادلات المجال في نظرية الموجز حل، لا التباس فيه، يحدد مجال جاذبية الشمس بشكل فريد. وافترض التحليل التاريخي للمخطوطات الموجودة أن هذا الاستعلام أعطى أينشتاين فكرة موفقة لمناقشة التغاير المحدود لمعادلات نظرية «الموجز». ويبدو أن هذا « الجدال العميق» أظهر أن معادلات مجال التغاير العامة لا يمكنها أن تحدد بشكل متميز مجال الجاذبية، وبالتالي فهي غير مقبولة.

تَحَقَّق أينشتاين وبيسو أيضًا مما إذا كانت معادلات نظرية «الموجز» يمكن تطبيقها على النظام ذي الإحداثيات الدورانية، أم لا. وفي هذه الحالة يتم تعريف قوى القصور الذاتي للدوران على أنها قوى جاذبية، مثل قوة الطرد المركزي الذي نختبرها في لعبة «الخيل الخشبية الدوارة». وهنا بدا أن النظرية تمكنت من اجتياز هذا الاختبار، ولكن في أغسطس 1913 حذَّره بيسو بأنها لم تنجح في اجتياز ذاك الاختبار، إلا أن أينشتاين لم يستجب للتحذير، الذي عاد ليطارده لاحقًا.

في محاضرته في فيينا في سبتمبر من عام 1913، اختتم أينشتاين مقارنته للنظريتين بدعوة لإجراء تجربة لاتخاذ القرار، حيث تتنبأ نظرية «الموجز» بأن الجاذبية تعمل على انحناء الضوء، في حين أن هذا لا يحدث في نظرية نوردستروم. وسيستغرق هذا الأمر خمس سنوات أخرى لمعرفة ذلك، ثم قام إروين فينلي فرويندليتش ـ الفلكي الصغير في برلين، الذي كان على اتصال بأينشتاين عند وجوده في مدينة براج ـ بالسفر إلى شبه جزيرة القرم، لحضور كسوف للشمس في أغسطس من عام 1914؛ وذلك لتحديد ما إذا كانت الجاذبية تسبب انحناء الضوء، أم لا، ولكنه ما لبث أن اعتقله الروس فور اندلاع الحرب العالمية الأولى. وأخيرًا، في عام 1919، أكّد الفلكي الإنجليزي آرثر إدينجتون تنبؤ أينشتاين بانحناء الضوء، من خلال مراقبة انحراف النجوم البعيدة، التي رُصدت على مقربة من حافة الشمس أثناء كسوف شمسي آخر، وهذا ما جعل من أينشتاين اسمًا مشهورًا.

عند عودته مرة أخرى إلى زيورخ، عقب محاضرته في فيينا، تعاون أينشتاين مع فيزيائي شاب آخر، اسمه أدريان فوكر، وهو طالب عند لورنتز، وذلك بهدف إعادة صياغة نظرية نوردستروم باستخدام النظريات الرياضية نفسها، التي سبق أن اعتمدها هو وجروسمان عند صياغة نظرية «الموجز». ووضح أينشتاين وفوكر أنه في النظريتين يمكن إدراج مجال الجاذبية في نظام الزمان والمكان المنحني. وأعطى هذا العمل أيضًا أينشتاين صورة أوضح لهيكلية نظرية «الموجز»، حيث ساعدته هو وجروسمان في الورقة المشتركة الثانية لهذه النظرية. وتزامن تاريخ نشرها في مايو من عام 1914 مع مغادرة أينشتاين إلى برلين.

الطفرة العلمية

اندلعت الاضطرابات بعد وقت قصير من انتقال أينشتاين إلى برلين. فقد انهار زواجه، وعادت ميليفا إلى زيورخ مع ابنيهما اليافعين. وجدَّد ألبرت علاقته التي كان قد بدأها وقطعها قبل سنتين مع ابنة عمه إلسا لوينثال (ني أينشتاين)، ثم بدأت الحرب العالمية الأولى، ولم تُظهِر النخبة العلمية في برلين اهتمامًا بنظرية «الموجز»، على عكس الزملاء المشهورين في أماكن أخرى، مثل لورنتز، وباول إهرنفست في ليدن في هولندا. وبرغم كل ذلك.. واظب أينشتاين على عمله.

بحلول نهاية عام 1914، ازدادت ثقته بما فيه الكفاية لكتابة عرض مطوَّل عن النظرية، لكنه في صيف عام 1915، وبعد سلسلة محاضراته التي ألقاها في جوتنجن، التي أثارت اهتمام العالِم الرياضي الكبير ديفيد هيلبرت للتشكيك فيها، راودت أينشتاين شكوك خطيرة بشأن نظريته، حيث اكتشف أن نظرية «الموجز» لا تجعل الحركة دورانية نسبية، أي أن بيسو كان محقًّا. وكتب أينشتاين إلى فرويندليتش للمساعدة: «كان العقل في سُبات عميق»، لذلك.. فقد أمل أينشتاين بأن يتمكّن الفلكي الشاب من إخباره بالخطأ الذي كان يرتكبه، وذلك لكونه «صديقًا حميمًا ذا دماغ بِكْر خام، لم يتلوث بعد»، إلا أن فرويندليتش لم يتمكن من مساعدته.

خشي أينشتاين أن يسبقه هيلبرت لحل المعادلات، فهرع لطباعة معادلات جديدة .وسرعان ما أدرك المشكلة الكامنة في معادلات المجال في نظرية «الموجز». وخشي أينشتاين أن يسبقه هيلبرت لحل المعادلات، فهرع لطباعة معادلات جديدة في أوائل نوفمبر من عام 1915، وقام بتعديلها في الأسبوع التالي، ومن ثم عدَّلها مرة أخرى بعد أسبوعين في الأوراق اللاحقة المقدَّمة إلى الأكاديمية البروسية. وأصبحت معادلات المجال متغايرة أخيرًا.

في ورقة الأول من نوفمبر، كتب أينشتاين أن النظرية هي «انتصار حقيقي» لرياضيات كارل فريدريش جاوس، وبيرنهارد ريمان. وأشار في هذا البحث إلى أنه وجروسمان قد اعتمدا على المعادلات ذاتها من قبل، وأوضَّح بأنه لو أطلقوا لأنفسهم العنان بأن يسترشدوا بهدي الرياضيات البحتة، وليس الفيزياء، فإنهم عندها لم يكونوا ليقبلوا بمعادلات التغاير المحدود في المقام الأول.

برغم ذلك.. توجد مقاطع أخرى من ورقة الأول من نوفمبر، وكذلك أوراقه الأخرى ومراسلاته في الفترة ما بين عامي 1913، و1915 تروي قصة مختلفة. وبفضل توضيح نظرية «الموجز» بمساعدة جروسمان، وبيسو، ونوردستروم، وفوكر، تمكَّن أينشتاين من معرفة كيفية حل المشكلات مع التفسير الفيزيائي لهذه المعادلات، وهو الأمر الذي شكَّل عقبة في طريقه سابقًا.

عند تحديد معادلات مجال التغاير العام في الورقتين الثانية والرابعة، لم يعلِّق أينشتاين على الجدال العميق السابق. وعندما ضغط عليه بيسو وإهرنفست بعد بضعة أسابيع من الورقة النهائية، بتاريخ 25 نوفمبر، وجد أينشتاين وسيلة للخروج من هذا المأزق، وذلك من خلال إدراكهم بأن الأحداث المتزامنة فحسب هي التي لها معنى فيزيائي، وليس الإحداثيات. وقد اقترح بيسو مَخْرجًا مماثلًا قبل عامين، إلا أن أينشتاين رفضه حينها بفظاظة.

في ورقة الثالث في نوفمبر، عاد أينشتاين إلى حركة الحضيض الشمسي لكوكب عطارد. ومن خلال إدخال البيانات الفلكية التي قدّمها فرويندليتش إلى الصيغة التي اشتقها بالاستناد إلى نظريته الجديدة، توصَّل أينشتاين إلى نتيجة وجود قيمة تباين 43˝ ثانية في القرن الواحد، واستطاع بهذا أن يفسِّر كليًّا الفرق بين نظرية نيوتن وملاحظته. وقد كتب له هيلبرت في يوم 19 نوفمبر ساخرًا: «تهانينا للفوز على حركة الحضيض الشمسي، ولو كان بإمكاني القيام بالعمليات الحسابية بنفس سرعتك، فإنه سيتوجب على ذَرَّة الهيدروجين أن تقدِّم مذكرة تبرير من المنزل، لتعتذر عن عدم إشعاعها.

حافَظ أينشتاين على هدوئه، وهو الأمر الذي جعله قادرًا على القيام بالحسابات بسرعة، حيث كانت الاختلافات عمّا قام به مع بيسو في عام 1913 طفيفة. وربما كان يستمتع بكونه يذيق هيلبرت طعم دوائه المُر، حيث وصف أينشتاين في رسالة إلى إهرنفست، كتبها في مايو 1916، أسلوبَ هيلبرت بأنه «يخلق انطباعًا بكونه إنسانًا خارقًا عن طريق تشويش طرق الطرف الآخر.

أكد أينشتاين أن النظرية النسبية العامة بُنيت على أعمال عملاقَي الرياضيات: جاوس، وريمان، ولكنها بُنيت أيضًا على عمل شخصيات بارزة في الفيزياء، مثل ماكسويل، ولورنتز، وكذلك على عمل الباحثين الأقل شهرة، وخصوصًا جروسمان، وبيسو، وفرويندليتش، وكوتلر، ونوردستروم، وفوكر. وكما هو الحال في عديد من الطفرات العلمية الكبرى الأخرى في تاريخ العلم، كان أينشتاين يقف على أكتاف العديد من العلماء، وليس على أكتاف العمالقة المشهورين فحسب.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

المصدر
nature
زر الذهاب إلى الأعلى