جزائري أصبح فنان “مانغا” عالمي على سرير المستشفى

عندما أصيب الشاب الجزائري سعيد سابعو بمرض السل ودخل المستشفى وعمره لا يتجاوز 22 سنة آنذاك، لم يكن يتخيل أنه بعد خمس سنوات فقط  سيصبح أول فنان جزائري تعرض أعماله الفنية في متحف “كيوتو” باليابان رفقة أعمال الفنان العالمي الذي تأثر به في صغره “تورياما”.

رسم على سرير المستشفى

كل شيء تغير في سنة 2009، بالنسبة للشاب وعائلته، عند إصابته بالسل، بعد تخرجه من الجامعية في تخصص الترجمة  “إنجليزية، فرنسية، عربية”، وعمله لسنة واحدة في مؤسسة خاصة. لجأ الشاب خلال رحلة علاجه من “السل” الذي أنهك صحته وجعله يشارف على الموت، إلى رسم “المانغا” على سريره في المستشفى للقضاء على الفراغ والملل الذي يصيبه والتغلب على الألم. وكان منذ صغره من المولعين برسم “المانغا” وهو اسم فن ياباني يطلق على “القصص المصورة”.

انتشر هذا الفن بشكل كبير في جميع أنحاء العالم في الثمانينات عندما غزت “أفلام الرسوم المتحركة اليابانية” التلفزيون. رسم سعيد العديد من القصص المصورة القصيرة في المستشفى، وبعد شفائه وخروجه من هناك، بدأ بالرسم بشكل منتظم وخلق سيناريوهات قصيرة، مثلما كان في السابق، قبل أن يطور موهبته ويدخل عالم الاحتراف من أوسع أبوابه.

موهبة فطرية في رسم المانغا

قصة الفنان الشاب مع “المانغا” بدأت في سن السادسة، عندما كان يقوم برسم خربشات، ولكنه سرعان ما اكتسب تقنيات الرسم بطريقة واعية، وأظهر أنه يملك موهبة فطرية قوية، جعلته يتفوق على أخويه بعدما كانا بمثابة قدوة له.

في سن الثامنة،  مزق أوراق من دفتره المدرسي من أجل رسم  “قصص مصورة مفصلة إلى حد ما”، مستوحاة من حلقات من سلسلة الرسوم المتحركة التي كان يشاهدها أو قصصه الخيالية الخاصة. وكان في كل مرة يتعرض للتوبيخ والعقاب من والديه لأنهما كانا يضطران إلى تغيير دفاتره المدرسية ثلاث مرات على الأقل سنويًا بعد قيامه بإتلافها. رغم العقوبات واصل الطفل تطوير مهاراته في هذا المجال.

أكيرا تورياما قدوته

تأثر سعيد بالقصص اليابانية المصورة المشهورة، مثل  “فرسان البرج”، “كابتن ماجد” وغيرها، ولكن مصدر إلهامه الحقيقي كانت سلسلة المانغا اليابانية  “دراغون بول” التي كتبها أب فن “المانغا” السيد “أكيرا تورياما”. لم يكن تأثر سعيد بشخصيات “تورياما” في الرسم فقط، وإنما في حياته الخاصة أيضًا، لا سيما شخصية “غوكو” البطل الرئيسي الذي مر بعدة امتحانات وتجارب صعبة في الحياة، وواجه المرض مثله، وصارع وحارب من أجل الصمود والعودة بقوة والصمود. “في الحقيقة أنا أرى نفسي كثيرًا فيه، إنه بطل ويتقدم مهما كانت الشدائد والمحن”.

احتراف رسم المانغا

بهذه المميزات والشخصية القوية،  اكتشفت  نادية سبخي، مؤسسة ومديرة مجلة “Livresq” سعيد وأصبحت فيما بعد بمثابة الأم الفنية له. كان لقاؤهما الأول في المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب (FELIV) عام 2010. استغل الفنان الشاب الفرصة وتوجه إلى نادية من أجل عرض أعماله عليها، وهناك اكتشفت موهبة نقية وعميقة يتمتع بها هذا الشاب الخجول، قررت أن تدخله عالم الاحتراف.

بعد خمس سنوات، أصبح في رصيد الشاب العديد من الأعمال الفنية والكتب التي ألفها من القصص المصورة، “هوما مقاتل”، “ثمن الحرية” وغيرها. واستمر في التطور وتصدير فنه إلى الخارج، حيث تعرض مؤلفاته في العديد من المتاحف، كما تعرض أيضًا في المتحف العالمي للمانجا والرسوم المتحركة  في “كيوتو” وفي نفس المكان الذي تعرض به كتب المؤلف “تورياما” ليصبح  أول جزائري تدخل أعماله إلى هذا المتحف.

المصدر:  ترجمة بتصرف سارة جقريف، من هافنغتون بوست.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى