العمل الحر في الأنترنت فرصة حقيقية للشباب الجزائري

يعتبر العمل الحر في الأنترنت من المواضيع المثيرة للنقاش، فقد شكلت الأنترنت بمجموع خدماتها نقلة نوعية في حياة الجزائريين. التواصل أصبح يتم بسرعة وكفاءة من خلال استخدام الرسائل الالكترونية وبرامج التواصل النصي والصوتي والمرئي.

تطبيقات مثل: المسنجر (Messenger)، الواتساب (Whatsapp)، ايمو (Imo)،  ويشات (Wechat) أصبحت رائجة بشكل كبير وتستخدم على نطاق واسع جداً. بالإضافة للتواصل تعتبر الانترنت مصدراً للمعرفة والدراسة، فهناك إقبال للاشتراك في مختلف منصات التعليم عن بعد التي تندرج تحت سياق المساقات الجماعية الإلكترونية مفتوحة المصادر (Mooc’s).

ومواقع الدعم المدرسي والتدريب، دون إغفال اعتبار الأنترنت مكاناً مفضل للترفيه والمشاركة والتفاعل؛ من خلال مواقع الألعاب وقنوات اليوتيب وشبكات التواصل الاجتماعي المتنوعة.

الربح من الأنترنت: الحقيقة، وهم أو احتيال؟

شكل موضوع الربح من الانترنت،  مدار بحث واستفسار وتساؤلات؛ من قبل الشباب الجزائري. الانترنت تحتوي الكثير من الفُرص للعمل وتحقيق مدخول مادي. أحيانا يكون جيداً جداً كما هي حالة الشاب حسام زاوي وأحيانا أخرى لا يعادل قيمة فاتورة الكهرباء المستهلكة في انجازه.

وقد راجت في السنوات السابقة ومازلت بشكل نسبي حاليا، آلاف المواقع التي تحتال على الشباب من خلال إغرائهم بالربح السريع. وإجراءات الاشتراك السهلة وطرق استلام الأموال المضمونة، في مقابل التزامهم بتقديم خدمات تندرج غالبيها تحت نطاق (GPT) أو الدفع مقابل (Get Paid To).

وهي مجموعة مواقع تدفع لأعضائها مبالغ مالية ضئيلة جدا مقابل قيامهم بالنقر على الإعلانات (ptc)، مشاهدة مقاطع الفيديو (ptv)، الاشتراك (pts)، الإعجاب، ملئ الاستبيانات.. وغيرها.

وغالبا هذه الشركات والمواقع إما أن تكون وهمية ومخادعة، أو تكون صادقة ولكن مردودية العمل ضعيفة جداً، خصوصا في البلدان العربية ومن بينها الجزائر.

العمل الحر في الأنترنت

العمل الحرّ أو المستقل أو الفريلانس (Freelance)، مصطلح رائج كثيراً في العالم. وسر رواجه يرجع لايجابياته الكثيرة المغرية؛ كالمرونة وعدم الزامية التنقل أومغادرة البيت أو حتى سرير النوم، بالاضافة لعدم محدودية الدخل والأرباح التي يمكن تحقيقها منه.

جميع ما سبق ذكره من أسباب؛ أغرت الملايين من الشباب عبر العالم للاندماج في سياقه، ومن بينهم كثير من الشباب الجزائري.

مفهوم (Freelancer)  تعني عامل مستقل وهو الذي يعمل لحسابه الخاص. وهو توصيف يشمل كل شخص يقدم خدماته لأكثر من صاحب عمل، دون أن يلتزم بوظيفة ثابتة مع شركة أو مؤسسة معينة، أو أن يكون ملتزم بالعمل على المدى الطويل.

لا يمكن اعتبار الفريلانسر جزءاً من أي شركة أو مؤسسة، غالبا الفريلانسر يعمل وحيداً، فهو من يحاسب نفسه، وهو المكلف بالتواصل مع الزبائن وإنجاز العمل وتسليمه في الوقت المناسب.

وبشكل عام لا يوجد توصيف وظيفي محدد للفريلانسر، فيمكن لكل شخص تكييفه على حسب متطلباته وامكانياته وظروفه. هناك من يستثمر كل جهده ووقته في الفريلانس، ويحقق مداخيل جيدة، وهناك من يعتبره نشاطا ثانويا أو جانبياً؛ يدر عليه بعض الأرباح. المرونة وقابلية التكييف من أهم مميزات العمل المستقل.

ومن أشهر منصات العمل الحر، نذكر: مستقل، خمسات، خدمتي، أستكتب، أي خدمة، المحترفون،  العرب، مكتبي، Freelance Me ، Fiverr

العمل الحرّ في الأنترنت المتاح للشباب

هناك الكثير من الفرص المتاحة للعمل وتحقيق النجاح، وكعينة نذكر:

الترجمة (Traduction): يمكن لخريجي ليسانس لغات أو ترجمة إنشاء عمل حرّ وعرض خدمات الترجمة للمقالات والكتب والتقارير. وتحقيق مدخول مادي جيد، دون الحاجة لتأسيس مكتب للترجمة وتحمل التكاليف والضرائب المنجرة عن ذلك.

وتعتبر الترجمة من أكثر الخدمات المطلوبة على مواقع الفريلانس، وخصوصا من اللغات التالية: الإنجليزية للعربية والعكس، الفرنسية للعربية والعكس، الفرنسية للانجليزية والعكس، الاسبانية للعربية والعكس، التركية للعربية والعكس.

 كتابة المقالات والبحوث والدراسات: الأدبية والتقنية والعلمية وخصوصا المتوافقة مع نظام السيو (Seo). وهذا المجال متاح لخريجي الأدب العربي واللغات والعلوم الإنسانية الاجتماعية بشكل عام.

وخصوصا للمتحكمين في تقنيات الكتابة وتهيئتها بما يتناسب مع مواقع البحث، كما يمكن إنشاء موقع خاص أو مدونة(Blog)؛ للاستفادة من مشاركة أرباح أدسنس (Adsense).

التصميم (Design): للهويات البصرية والشعارات والتصميمات المختلفة (بوسترات، فلايرات، كاتلوجات، واجهات..). وهذا المجال نشيط ويتلقي المختصون فيه عروضا مهمة. وهذا المجال متاح لخريجي اختصاصات الإعلام الآلي وتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومختلف المهتمين بهذا النشاط.

البرمجة وتصميم المواقع: وهذا النشاط يعتبر ضمن النشاطات التقنية والتي تحتاج للتخصص وتحكم وهذا المجال متاح حصريا للمختصين في البرمجة وتصميم المواقع، سواء كانوا من خريجي الجامعات أم المعاهد التقنية.

التعليق الصوتي والدبلجة: وهذا النشاط ينحصر في من يتمتع بصوت مناسب ويتحكم في أساسيات التعليق وتقنيات الدبلجة بالإضافة لامتلاك الفصاحة والتحكم في مخارج الحروف.

التدريب والتعليم: وهو مجال واسع جدا بحيث يمكن استثمار هذا النشاط في العديد منالمواقع المتخصصة في طرح مساقات ومقررات تعليمية أونلاين(Mooc’s) مثل يوديمي(Udemy) كورسيرا(Coursera) و (Edx) وغيرهما بالاضافة لمواقع العمل الحرّ المذكورة سابقا.

ويمكن خلال هذه المواقع تعليم جميع المهارات الحياتية والعلمية والفنية والتقنية، وهذا المجال مهم بالنسبة للشباب الجزائري الطموح والمتخصص.

المونتاج والتصوير: وهذا المجال متاح لمحترفي التصوير وللمختصين في المونتاج ومحترفي إنتاج الأفلام القصيرة والوثائقية، كما يمكن إنشاء قناة خاصة على اليوتيب(Youtube) للاستفادة من مشاركة أرباح أدسنس(Adsense).

وهناك مجالات أخرى للعمل نذكرها: تعليم اللغات والمهارات والتدريب، إدخال البيانات، التسويق والترويج، كتابة السيناريوهات والقصص والأغاني، تصميم القصص المصورة، تصميم تطبيقات وبرامج، تقديم حلول واستشارات، تقييم ومتابعة.

ومع تنوع مجالات العمل الحر، تنوعت مصادر ووسائل استلام الأرباح والأموال المحققة، كالويستريونيون والموني غرام بالإضافة لبطاقة الفيزا(Visa) متاحة حاليا في الجزائر ببساطة،  لأجل تفعيل البايبال(Paypal) وغيره من الحسابات واستلام الأموال وأحيانا بالعملة الصعبة.

التردد لدى الشباب الجزائري

لعل أهم التصورات المتعلقة بالفريلانس عند الشباب الجزائري، هي اعتباره بأنّه ليس وظيفة أو عملا حقيقياً، يعول عليه لتحقيق مدخول ثابت ومستقر. ويُمكّن الشاب من تأسيس أسرة وشراء منزل وسيارة. بالإضافة لصعوبة إثبات الذّات والمنافسة الشرسة بين رواد الأعمال المستقلين، دون إغفال ما يتطلبه الأمر من مجهودات كبيرة وموارد مالية معتبرة. ولا يمكن إغفال ذكر بعض السلبيات المهمة، كعدم استقرار الدخل وتذبذبه أحيانا، بالإضافة لعدم وجود تأمين صحي.

حالة التناقض

في حين يحجم الكثير من الشباب الجزائري عن ولوج عالم العمل الحر في الأنترنت فإنهم في المقابل؛ يصرفون ساعات طويلة من وقتهم في تصفح منشورات شبكات التواصل الاجتماعي والدردشة، والألعاب. وإضافة مؤثرات على الصور أو منتجّة مقاطع الفيديو والتعديل عليها، بالإضافة لاحتراف القرصنة واختراق المواقع.

كلما سبق  يقومون به بلا مقابل ومجاناً، بل أحيانا يكلفهم الكثير من التكاليف والتبعات؛ بالرجوع لمستحقات الكهرباء واشتراكات الانترنت وبقية الموارد الأخرى، بالإضافة للمتابعة القانونية بالنسبة للقرصنة والاختراق.

فلو اتجه هواة الألعاب لتقديم خدمة تجريب الألعاب المدفوعة، أو الأفليت(Affiliate) وانصرف المصممون والمبرمجون لبيع الخدمات المصغرة: كالتصميمات والترجمة والمونتاج وغيرها.. بالإضافة لتصميم المواقع واختبار خصوصيتها وأمانها بالنسبة لهواة القرصنة والاختراق(White hackers).. لحققوا أرباحا مهمة قد تفتح أمامهم أبوابا للرزق الوفير لم يكونوا يتصورونها سابقا.

في الأخير يبقى مستقبل العمل الحر في الأنترنت واعد جداً. ويجب على كل شاب جزائري يرغب في ولوج عالم الفريلانس، اعتماد الحكمة التالية: “سيكون هناك عقبات، وسيكون هناك مشككون، وستتواجد الأخطاء، لكن اعمل بجد، مع الايمان والثقة بالنفس، ستنجز كل ماتريد”.

إقرأ أيضا: أفضل بطاقة فيزا كارد مجانا للجزائريين

الكاتب: ربيع زعيمية

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى