هل يسبب زواج الأقارب الأمراض الوراثية فعلا؟

يدفع الخوف من أن يسبب زواج الأقارب الأمراض الوراثية، الرجل لعدم الزواج من قريبته وتدفع المرأة أيضا لعدم التفكير في الإرتباط بقريبها. ولكن هذه المخاوف صحيحة؟ وهل فعلا يسبب زواج الاقارب الأمراض ويرفع من احتمال إصابة الأبناء بأمراض وراثية؟

أثبتت الدراسات والبحث العلمي فى علوم الوراثه زيادة معدل حدوث بعض الأمراض الوراثيه لدى الأطفال بسبب علاقة قرابة الدم بين الوالدين. والأقارب هم الاشخاص الذين يشتركون في جد واحد. سواء أكان هذا الجد قريباً أو بعيداً. والجد المشترك قد يكون من ناحية الأب أو من ناحية الأم. وتكون صلة القرابة كبيرة بين أولاد العمومة من الدرجة الأولى مثل أولاد وبنات العم، أولاد وبنات الخال، أولاد وبنات الخالة، أولاد وبنات العمة.

انتقال الصفات الوراثية

يكون لزواج الأقارب فائدة إذا وجدت صفات وراثية جيدة بالعائلة مثل الذكاء، الجمال وغيرها من الصفات المرغوبة. ولكن قد يكون له  أضرار  إذا كانت هناك أمراض وراثية تتناقلها العائلة. وفي هذه الحالة يزيد احتمال انجاب أطفال غير طبيعيين. ولكن قد يكون السبب الرئيسي في الحقيقة هو سبب اجتماعي وتقليدي.

ولهذا إذا كنت ترغب في الزواج من قريبتك يجب أولا زيارة طبيب الأمراض الوراثية للتأكد من أن الزوجين لا يعانيان من أمراض وراثية. ولكن ذلك لا يكفي، لأنه من الصعب الكشف عن جينات الأمراض الوراثية الخفية التي تكون نسبة انتقالها إلى الأطفال عالية.

الكثير من العاملين في مجال الصحة يرجعون ولادة أي طفل غير طبيعي أو مريض إلى القرابة بين الزوجين. وهذا لا يكون صحيحا في بعض الحالات. فقد يكون سبب انجاب أطفال مرضى مشاكل حدثت اثناء الحمل او اثناء الولادة أو الاصابة بالالتهابات.

كيف ينتقل المرض؟

تحتوي كل من البويضة والحيوان المنوي على 23 صبغيا. وبعد الاخصاب فإن البويضة الملقحة تحتوي على 46 صبغيا. وتنتقل العوامل الوراثية  من خلية إلى خلية أخرى أثناء الانقسام الخلوي. معنى ذلك أن البويضة الملقحة تحتوي على المعلومات الوراثية التي تأتي من الأب والأم. وبالتالي فإن مواصفات الابن هي خليط مما يساهم به الأب ومما تساهم به الأم. إذن فإن البرامج الوراثية وجودة منذ تكوين البويضة المخصبة. ثم تبدأ هذه الجينات الموجودة في العمل لاظهار المواصفات الخاصة بالفرد طبقا للبرنامج الموجود مسبقا.

يحتوي الجين على جميع المعلومات الوراثية للفرد، ومن خلال هذه المعرفة يتحكم في تخليق البروتينات. سواء كانت هذه البروتينات عبارة عن انزيمات تساعد على اتمام تفاعلات كيميائية معينة أو هرمونات أو مواد بروتينية تدخل في مكونات الخلية الحية.

من خلال التقدم في بحوث علم الوراثة التي اشتملت على النواحي الجزيئية لعمل الجين، تم التوصل إلى معرفة كيفية حدوث الطفرات. وهي التغيرات المفاجئة التي تظهر على الفرد والتي عادة ما تسبب تغيرات وراثية. وقد تتضمن هذه التغيرات إحداث الكثير من الأمراض أو التشوهات الوراثية  في الانسان. وتحدث هذه التغيرات إما في عدد أو تركيب الصبغيات أو تغيير في التركيب الكيميائي للجين.

ما علاقة الزواج بالأمراض الوراثية؟

كيف  يسبب زواج الأقارب الأمراض الوراثية، إذا كان كل واحد منا مهما كان معافى لابد أن يحمل العديد من العوامل الوراثية المريضة؟. يشترك الوالدان مع أبنائهم وكذلك الأخوان في نصف الجينات  وأبناء العمومة من الدرجة الأولى يشتركون في 1 /8 الجينات وأبناء العمومة من الدرجة الثانية يشتركون في 1/64 من الجينات.

أبناء العمومة من الدرجة الثالثة يشتركون في 1/ 128 من الجينات وبالتالي فإن احتمال حمل نفس الجين المريض مثل الزوج القريب يقل كلما تباعدت القرابة. وفي الغالب يكون العامل الوراثي المريض عند الشخص مختلف عن العامل الوراثي المريض عند شريك حياته. ومن النادر أن يلتقي شخصان يحملان نفس العامل الوراثي المريض لنفس المرض، وهنا يحدث أن يولد طفل مصاب.

بعض هذه الأمراض يوجد لها فحص يحدد العامل الوراثي للمرض. ولكن الكثير منها لا يوجد له هذا الفحص. أي من غير الممكن اكتشاف الحاملين للمرض. فإذا كان الزوجان من عائلة واحدة فهناك احتمال أن يكونا قد ورثا العامل الوراثي المريض من نفس الجد. إذا كان هناك مرض وراثي تتوارثه العائلة. في الحالة الأولى مثلا،  لا يوجد مرض وراثي في العائلة لذا لا يوجد خطر من زواج أبناء العمومة.

في الحالة الثانية، أولاد العمومة، وووجد مرض وراثي في العائلة. ولكن الزوجان لا يحملان العامل الوراثي المريض لذا يوجد خطر على الأبناء. أما إذا كان هناك مرض وراثي في العائلة والطرفان يحملان العامل الوراثي المريض فهنا يوجد خطر على الأبناء للاصابة بهذا المرض.

زواج الأقارب ليس المسؤول دائما

في حالة الأمراض الوراثية، قد لا يسبب زواج الأقارب الأمراض دائما. وإنما يكفي أن يكون أحد الوالدين مصابا. ولو حتى إصابة خفيفة بالمرض لينقل المرض إلى الأبناء بنسبة 50%. وهذا حتى إذا لم يتزوج من أقاربه أو تزوج من شخص سليم تماما.  ومن بينها مرض فرط كولسترول الدم العائلي. حيث أن للجسم في الحالة الطبيعية قدرة كافية على ابقاء نسبة مادة الكوليسترول في الدم بشكل طبيعي. ويتم ذلك بواسطة مستقبلات البروتين الشحمي ذي الكثافة المنخفضة التي تحمل الكولسترول وتزيله من الدورة الدموية. وبذلك فإن عدم وجود هذه المستقبلات يعتبر مسؤولا عن المرض الوراثي المسمى فرط كولسترول الدم.

الأمراض الناجمة عن اختلالات صبغية أو كرموزومية، فيكون في عدد الكروموزومات أو تركيبها وشكلها. وهذه تتسبب في حدوث تغييرات كبيرة. قد تشمل مجموعة كبيرة من الجينات في آن واحد. وأغلب تلك الحالات تحدث بسبب أخطاء في عملية انقسام الخلايا الجنسية عند الزوجين، بسبب تقدم السن، أو عوامل أخرى. وبهذا الشكل فليس من الضروري أن يحمل الأبوان صفة تلك الأمراض عندما يولد طفل مريض. وهذه الأمراض نادرة الحدوث وتكرارها نادر في العائلة.

المصدر: سوبرنوفا

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى