“توريت” مرض غريب يقولون عنه مس من الشيطان

متلازمة توريت هي مرض عصبي (دماغي) يعرف  أيضا باسم “اضطراب  الحركة المزمن”  يظهر غالبا  في مرحلة الطفولة. ويظهر على المصاب بهذه المتلازمة أصوات أو كلمات  تعرف بـ ” العُرّات الصوتيّة” أو حركات جسدية “عُرّات حَرَكيّة”.

بدأ الحديث عنه لأول مرة  في عام 1810م، وفي عام 1825م تحدث طبيب عن فتاة عمرها سبع سنوات، تعاني من حركات لا إرادية فجائية، وتتلفظ بكلمات غريبة رغما عنها مما جعل البعض يظن أن بها شيطان أو روح شريرة. وفي عام 1873م قام الطبيب توريت بوصف حالة مشابهة لمثل هذه الحالة، وأطلق على المرض الذي اكتشفه اسمه وأصبح يعرف بمرض أو متلازمة “توريث”.

يصف التشخيص الكلاسيكي لمرض “توريت” على أنه حركات لا إرادية، اندفاعية، مفاجئة، وكذلك  صدور ألفاظ غريبة من المريض بأسلوب  اندفاعي بالإضافة إلى  بعض الأعراض المرتبط بالوسواس القهري وأحياناً العدوانية، لذلك نجد بعض الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب قد يندفعون فجأة ويعتدون على أشخاص آخرين دون أي مبرر أو سبب واضح، وهذه أحد أعراض مرض “توريت”.

وصف المرض

تطلق كلمة “العرة” على جميع  الحركات الا إرادية التي تظهر  في أحد أجزاء الجسم وبشكل متكرر وغير طبيعي وخاصة في الوجه والعينين والأجفان والرقبة والكتفين وهناك عرات كلامية لا إرادية أهمها ترديد الكلام البذيء والفاحش أو تردد الكلام الذي يتلقاه الطفل. وتلعب العوامل الجينية والبيئية دوراً في  الكشف عن هذا المرض إلا أن الأسباب المباشرة غير معروفة.

وتبدأ العرّات الحركية بالظهور  في سن 2 إلى  8 سنوات،  للأشخاص من جميع الجماعات العرقية، فيما يمكن أن تبدأ العرّات الصوتية بالظهور في سن سنتين، مع إنها تظهر في العادة بعد سنوات من بدء ظهور العرّات الحركية. وتبلغ العرّات ذروتها في سن 12عاما، وتظهر بصورة أكبر لدى  الذكور وتبدأ أعراض العرات في الزوال ابتداء من سن المراهقة لكن هناك حالات تظل فيها مدى الحياة. تشمل أعراضها سعلة أثناء الكلام، تقطع في استرسال الحديث، حركة لا إرادية للعين غمز وإغماض أو تكرار حركة لليدين أو حركات للوجه بشكل عام مع أصوات متكررة.

يختلف تأثير المرض من مصاب إلى أخر فمن لديهم عرّات خفيفة يكون  تأثيرها طفيف على حياتهم. ولكن حتى العرّات الخفيفة، أو تلك التي تظهر في فترات متباعدة، من الممكن أن تؤثر على التقييم الذاتي للطفل المصاب قد يكون لها تأثير جدي على قدرة الولد على التعلم مما قد يسبب له الحرج. خاصة في علاقته مع أصدقائه وعائلته. في حين أن الطفل الذي يحمل العرّات الحادة والمتقاربة تتطلب أحيانا العلاج، بما في ذلك العلاج الدوائي والاستشارة.

مرض غريب  ومجهول

رغم أن هذا المرض معروف ومنتشر على الصعيد الطبي الا أن هناك جهل به بين أوساط العائلات التي تعتبره مرضا غريبا ومجهولا وتربطه بالجن والسحر، الأمر الذي يؤدي في غالب الأحيان إلى زيادة حدة المصاب بالمرض نظرا لعدم معرفة العائلات بالأعراض خاصة أثناء بدايته، وهناك من العائلات من تلجأ الى تعنيف الطفل المصاب ومعاقبته. لكن الطفل يجب أن يتلقى العلاج بالأدوية عندما تسبب له العرات الحركية أو الكلامية خللاً في حياته الاجتماعية والدراسية. وتشمل الأدوية  المضادة للذهان بجرعات مختلفة ومن أهم الأدوية الموصوفة لهذا الاضطراب هناك  بنفلوريدول، بيموزيد، كلونيدين. والادوية التي تعمل على السيطرة على نوبات الغضب وتتمثل في كلوميبرامين، فلوكسيتين.

و لقد توصل بعض الأطباء الى حلول  من أجل السيطرة على الحركات اللاإرادية حيث يقومون بتشكيل  بثقب في رأس المصاب  من الأعلى ويقوم بوضع قطب كهربي في منطقة المهد الواقعة في المنتصف الامامي من الدماغ ويوصل ببطارية وتوضع البطارية بالصدر يعمل القطب الكربي على تحفيز الدماغ والتقليل من الحركات اللاارادية التي تصدر من المريض.

وقد أجريت هذه العملية لشاب كان يعاني هذا المرض بشدة في أميركا كان يؤذي نفسه جدا لدرجة انه في مرة من المرات غرز أصابعه بجفون اعينه مما سبب له ازرقاق في الجفن وكان يؤذي غيره ولما بلغ العشرينات قام بإجراء العملية وتزوج وأنجب  أطفال  وبعد العملية بسنة فقط تغيرت كل حياته من الأسوأ إلى الأحسن ولكنه لم يشفا تماما بل لا زال لديه القليل من الأعراض.

ولعل  أهم ما في هذه الاضطرابات هو التشخيص الصحيح للمرض  حيث لا تنجم كل العُرّات عن الإصابة بالمتلازمة فقط، إذ هنالك أطفال لديهم عُرّات، صوتية وحركية لكنهم غير مصابين بمتلازمة توريت. وبالتالي، يتم التعامل مع الطفل على أساس أنه مريض بمرض يحتاج لعلاج وليس طفلا سيئ الخلق يحتاج للتربية والعقاب ويمكن أيضا تطبيق بعض الوسائل أهمها العلاج السلوكي.

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى