تجارب ملهمة لتحقيق النجاح في البحث العلمي

دائما ما أحب تلخيص اللقاءات التي أقوم بتنظيمها  لأستفيد منها شخصيا. ويستفيد منها غيري. وتبقى لأعود لها كلما احتجتها. في لقاءات الجمعة والسبت منْ حَدَث ‘My Frist Scientific Research Paper ‘ هذا ما استفدته وأظنه سيفيدكم إن شاء الله، ملخص تجارب ملهمة لتحقيق النجاح في البحث العلمي لشخصيات جزائرية متميزة.

الدكتور سفيان عبار، باحث جزائري في قطر ب QCRI:

فقط قُلْ بسم الله وابدأ. ولا تجعل لنفسك الحواجز والعراقيل. بعدما تبدأ ستتضح لك الأمور. (هاته النقطة اتفق عليها جميع المتحدثين Speakers ).

كذلك نقطة مهمة ذكرها وهي العلاقة المهمة جدا بين الطالب والأستاذ. يجب أن تكون علاقة رائعة يسودها جو العلم وعلاقة متعلم ومعلم. من جهة الطالب يجب أن يحترم أستاذه ويوقره، ومن جهة الأستاذ يجب أن يكون ملما بمجال البحث. ويكون مطلعا على كل ماهو جديد فيه. ومتواضعا لا يبخل على طلبته يقدم لهم نصائح وتوجيهات وخبراته حتى لا يقعوا فيها.

هاجر خالدي، طالبة دكتوراه جزائرية في فرنسا

لما تكتب في بحثك Contributions اكتبهم بعناية وبدقة. ولا تكتب فقط هكذا لأنك ستندم كثيرا. اهتم جيدا ب state of the art في المجال الذي تعمل عليه وحاول تقارن عملك معهم. قدم وقتا كبيرا لأشخاص آخرين في المجال يقرأون بحثك ويقدمون لك رأيهم. والشخص الذي يقرأ لك قد يكون للمرة الأولى التي يقرأ فيها بحثا مماثلا فحاول أن تكون واضحا جدا. ( وهي نقطة شرحها بالتفصيل د.طه عرباوي فيما بعد).

الدكتور أمين عبداوي، باحث جزائري في شركة geotrend بفرنسا

لا تقل أن أول ورقة بحثية لي يجب أن تكون لها إضافة جديدة للبشرية أو لمجال البحث العلمي عموما. عادي جدا أن تكون أول ورقة بحثية لك لم تقدم إضافة جديدة لكن يجب أن يكون هدفك المستقبلي أنك ستتحسن وتقدم إضافة للعلم. ولا تبقَ في نفس مستوى أول ورقة بحثية كتبتها. نقطة مهمة جدا ذكرها أمين خصوصا لمن هم في تخصص علوم الكمبيوتر. يجب أن يكون لديك حساب Github/Gitlab تضع فيه مشاريعك حتى يكون لها مصداقية وحتى يستفيد منها الناس.

الدكتورة فاطمة الزهراء بن حميدة، أستاذة جزائرية باحثة في ESI

فقط ابذل أسبابك واترك الباقي على الله. كانت كفيلة بجعلها تأخذ جائزة أفضل ورقة بحثية آنذاك في مؤتمر بكندا. ومع أنها كانت لا تظن أنها ستحقق ذلك نظرا لمستوى المشاركين وتمكنهم من اللغة الانجليزية، لكنها قالت ابذل أسبابي والباقي لله.

كذلك كن واثقا من بحثك العلمي ولا تجعل الشك يدخلك. كن قويا في الحجج التي تذكرها. واهتم جيدا ب presentation لأنها مهمة جدا. وكذلك النقائص الحالية التي في الوطن لا تجعلها عائق بل هي التحدي الذي سيصنع منك باحثا ليس كغيرك.

الدكتور الكندي رزيق، باحث جزائري  في MIT

ذكر نقاط مهمة ولعل ما شدّ انتباهي أنه قال أن كتابة البحوث العلمية ليست مربوطة فقط بمرحلة الدكتوراه، فهو الكندي كتب أول ورقة بحثية له وهو في السنة ثالثة ليسانس بـ USTHB. ومع أنه كان لن يكتبها لولا تشجيع الأستاذ له. ولولا أنه لم يكتبها لما كان له أن يلتقي بأساتذة آخرين في المؤتمر الذي قدم فيه أول بحث له. ويُكوّن علاقات مع أجانب كبار. وهو لا يزال في مرحلة الليسانس.

وتلك أول ورقة بحثية له جعلته فيما بعد يكتب بحوثا أخرى مع آخرين أجانب، فلولا أنه لم يبدأ ويكتبها لما كان له ذلك. وقال أن الجامعات الكبرى مثل MIT تهتم بمن يكتبون البحوث العلمية في مراحل ما قبل التدرج. وقال أنه في MIT هناك برامج مخصصة لإدماج طلبة السنوات الأولى في البحث العلمي.

كذلك أكد على أن غاية البحث العلمي في الجامعات الكبرى أن يترجم البحث للحياة الواقعية ويحل مشكلا واقعيا وهذا غايته الأسمى وليست غايته الأسمى أن تحل مشكلا بحثيا رياضيا أو تطور نموذجا جديدا أو ماشابه.

وكما قال في MIT يقولون لنا اذهبوا إلى real users وقوموا بكتابة بحوث تحل مشاكلهم. وذكر نقطة مهمة جدا وهي لما تكتب بحثك اكتبه بصدق ومصداقية وأمانة علمية لأنه في حالة ما إذا تم تسجيل نقطة سوداء عليك فإنه ستبقى عليك طول عمرك. ووقتها عليك أن تخرج من البحث العلمي وترى مجالا آخر.

الدكتورة إيمان بن خليفة، مؤسسة شركة Proxylan ودكتوراه من USTHB

حاول أن لا تجمع contributions في ورقة بحثية واحدة وقم بتقسيمهم ومحاولة نشرهم في Journals مختلفة. كذلك حاول أن تركز على أشياء قليلة ولا تفتح الباب لنفسك لأشياء كثيرة تقوم بها في نفس الوقت. لأن ذلك لن يجعلك تكتب بحوثك باحترافية. واجعل لكل شيء أو مهمة Deadline.

وكذلك ذكرت نقطة مهمة للأساتذة المؤطرين بأنْ لا يقترحوا مشاريع وبحوث دكتوراه لأن فيها فقط Trending أو Buzz Words خصوصا وإن كانت ليست في تخصصكم لأنكم ستظلمون معكم طلبة وتؤثرون عليهم.

الدكتور محمد النذير جقيدل، باحث سابق في هارفرد وفي مستشفى سانت جود بأمريكا حاليا

اليوم أغلب البحوث العلمية والمختبرات العلمية فيها أشخاص من تخصصات مختلفة. مثلا بيولوجي أو اقتصادي مع متخصص في علوم الكمبيوتر. وهذا ما يجعلهم يقدمون لكم آراءهم ويفيدونك بانتقاداتهم حتى يكون لبحثك قيمة مضافة وفعالية أكثر. وكذلك بحثك العلمي لا يجب أن يكون أغلبه Computational أو نظري بحت. يجب أن يكون يلمس تخصصات أخرى حتى يكون له فائدة أكثر.

وكذلك نقطة مهمة فكما هو معلوم في البحوث العلمية خصوصا التجريبية منها نتحصل على عديد النتائج. لكن الأكيد أنك لن تذكرها كلها فهنا يجب اختيارهم بعناية. وعندما تذكرهم يجب أن تكتب حججا نقدية عنهم بعناية. واذا لم تكن حججك قوية فلا داعي لذكرهم.

ونقطة مهمة جدا وهي أنه يجب أن يكون لكل باحث Notebook خاص به حتى يحتفظ فيه بالنسخ التي يكتبها إلى غاية أن يصل إلى آخر نسخة من ورقته البحثية.

الدكتور طه عرباوي، أستاذ باحث بجامعة Troyes بفرنسا

يجب لبحثك أن يقنع ويثبت تميزك عن غيرك وعن من سبقك. وكذلك يجب أن يكون لبحثك قيمة مضافة سواء من الناحية العلمية أو من ناحية الحياة البشرية. ويجب أن يكون للشخص الذي يقرأ بحثك من القراءة الأولى فقط للبحث قد خرج بملخص وفهم ما قمت به عموما. ولتصل لهاته المرحلة يجب أن تكون كتاباتك بلغة بسيطة ومفهومة. ويفهمها حتى من هم في تخصصات قريبة. يعني لا تكون تقنية بحتة لا يفهمها إلا من هم في تخصصك. وذكر أثناء اللقاء كتاب مهم جدا للكاتب والباحث Graham Kendall على كل باحث أن يقرأه.

وما كنت قد أضفته أنا وهو أنه:

– علينا أن نكون حماسيين في التعلم، شغوفين، وندخل بنفس جميل لمجال البحث العلمي. ونقرأ لساعات ونعمل لساعات في المختبر. وكما ذكر سفيان عبار الذي لا يجلس ويقرأ لكل يوم لمدة على الأقل 10 ساعات فهذا لا يحتاج أن يكون باحثا. وكما ذكر كذلك نذير جقيدل أن هناك أستاذا يعرفه يقرأ بمعدل أكثر من 20 ورقة بحثية في الشهر (يقرأ ملخصها وخاتمتها). وفي كل أسبوع لديه ورقة بحثية يقرأها بتفاصيلها جميعا.
– علينا كذلك أن نكون صبورين في طريق العلم فطريق العلم طويل جدا. ولا ينتهي وشاق ويلزمه نفس طويل. وعلينا كذلك أن نكون صبورين لأن كلمة Rejected ستقرأها كثيرا في طريق البحث العلمي.
– أن نستفيد من آراء بعضنا البعض وانتقادات أساتذتنا وزملاءنا.
– أن نحترم قيمة العلم والعلماء ونعرف قدرهم. وحتى أن المولى عزّ وجل جعل الصيد التي تصطاده الكلاب والصقور المتعلمة حلالا وغير المتعلمة حراما ” يسألونك ماذا أحل لهم قل احِلّ لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح تعلمونهن مما علمكم الله” هذا مع الحيوانات، فكيف بين الانسان المتعلم وغير المتعلم.

وكما يقول البروفيسور الجراح محمودي رحمه الله المولى عزّ وجل أول كلمة بدأ بها أفضل كتاب في الكون لم تكن كل واشرب والعب واعمل بل كانت “اقرأ”. والأكيد أنه لم يبدأ بها إلا لأهميتها الكبيرة ولأهمية العلم والقراءة.

– أن يهتم الجزائريون بالنشر في مجلات ومؤتمرات عالمية عالية الجودة والقيمةظ ولا نبقى فقط في الدرك الأسفل ومع المتأخرين. وأن لا نكتب البحث من أجل أن نكتبه أو كما علق د.الكندي: ليست العبرة بعدد البحوث التي تكتبها، فقد تكتب بحثا واحدا ويبقى خالدا يذكره الأجيال والأجيال بعدك.

– اجعل لنفسك محيطا يليق بالعلم وبالبحث العلمي. واليوم بفضل السوشيال ميديا والانترنت حُلَّت المشكلة فلا تجعل لنفسك أسبابا واهية أن محيطك غير مناسب. وكما اقترح النذير جقيدل مما هو موجود في مختبرات عالمية أنهم يخصصون وقتا ويوما في المختبر أو مع المختبرات القريبة لقراءة بحوث بعضهم البعض لينتقدوا بعضهم بعضا ويحسنوا مستوياتهم. أو بإنشاء مجموعات تقرأ بحوثا وتتناقش فيها حتى تخلق محيطا مناسبا ومحفزا.

– والنقطة التي أختم بها وهي التواضع، يجب أن نكون متواضعين مع الناس ومع الباحثين ومع أساتذتنا ونسمع لما يقولونه، ولا يعني أنك إذا كتبت بحثا علميا فأنت قد أصبحت كذا أو كذا. وكما علق الكندي على واحد من أساتذته العريقين والكبار والذين كتبوا بحوثا كثيرة، قال لا زال هذا الشخص إلى الآن يخربش ويكتب ملاحظات على كل سطر في الورقة البحثية التي يقرأها لغيره كأنه طالب في سنواته الأولى. غاية العلم أن يجعلك متواضعا، وإذا لم تكن متواضعا فالعلم الذي أخدته قد أخذته بطريقة خاطئة ولم تفهم جوهره.

الكاتب: عبد الغني كبوط

اقرأ أيضا: 8 نقاط حيوية عن كيفية تطوير البحث العلمي

شارِكنا رأيك بتعليق!

(التعليقات)

زر الذهاب إلى الأعلى